للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................................................................................

ــ

على مشروعية الخطبة يوم النحر. ويدل عليه أيضًا حديث ابن عمر عند البخاري قال: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بين الجمرات في حجة الوداع فقال: أي يوم هذا - الحديث، وحديث ابن عباس عند البخاري وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر فقال: يا أيها الناس أي يوم هذا؟ وحديث جابر عند أحمد، قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر فقال أي يوم أعظم حرمة؟ وحديث الهرماس بن زياد الباهلي قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى. أخرجه أحمد (ج ٣: ص ٤٨٥، وج ٥: ص ٧) وأبو داود. وحديث أبي أمامة عند أبي داود قال: سمعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى يوم النحر، وحديث رافع بن عمرو المزني الآتي في الفصل الثاني من هذا الباب قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع يوم النحر يخطب على بغلة شهباء، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم النحر فقام إليه رجل - الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما. وهذه الأحاديث نص في مشروعية الخطبة في يوم النحر وهي ترد على من زعم أن يوم النحر لا خطبة فيه للحاج، وأن المذكور في أحاديث الباب إنما هو من قبيل الوصايا العامة لا أنه خطبة من شعار الحج. ووجه الرد أن الرواة سموها خطبة كما سموا التي وقعت بعرفات خطبة، وقد اتفق على مشروعية الخطبة بعرفات، ولا دليل على ذلك إلا ما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب بعرفات، والقائلون بعدم مشروعية الخطبة يوم النحر هم المالكية والحنفية، وقالوا خطب الحج ثلاث: سابع ذي الحجة ويوم عرفة، وثاني يوم النحر، ووافقهم الشافعية إلا أنهم قالوا بدل ثاني النحر ثالثه، وزادوا خطبة رابعة وهي يوم النحر. قال الإمام الشافعي: وبالناس إليها حاجة ليتعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمي والذبح والحلق والطواف. وتعقبه الطحاوي بأن الخطبة المذكورة ليست من متعلقات الحج لأنه لم يذكر فيها شيئًا من أعمال الحج وإنما ذكر فيها وصايا عامة، قال: ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئًا مما يتعلق بالحج يوم النحر فعرفنا أنها لم تقصد لأجل الحج. وقال ابن القصار: إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا فظن الذي رآه أنه خطب، قال: وأما ما ذكره الشافعي أن بالناس حاجة إلى تعليمهم أسباب التحلل المذكورة فليس بمتعين، لأن الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة – انتهى. وأجيب بأنه نبه - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر وعلى تعظيم شهر ذي الحجة وعلى تعظيم البلد الحرم، وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة كما تقدم، فلا يلتفت إلى تأويل غيرهم، وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكر يوم عرفة يعكر عليه كونه يرى مشروعية الخطبة ثاني يوم النحر، وكان يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يأتي بعده من أعمال الحج، لكن لما كان في كل يوم أعمال ليست في غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجدد الأسباب. وقد بين الزهري وهو عالم أهل زمانه أن الخطبة ثاني يوم النحر نقلت من خطبة يوم النحر، وأن ذلك من عمل الأمراء يعني من بني أمية كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة عنه، وهذا وإن كان مرسلاً لكنه معتضد بما سبق وبان به أن السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>