فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه، ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات، يكبر عند كل حصاة، ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله. رواه البخاري.
ــ
البخاري ((ذات الشمال)) أي بدون الباء أي يمشي إلى جهة شماله (فيسهل) قال القاري: أي يذهب على شمال الجمرة الوسطى حتى يصل إلى موضع سهل يعني ليقف داعيًا في مكان لا يصيبه الرمي. وفي رواية ((ثم ينحدر ذات الشمال مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة)) (ثم يرمي جمرة ذات العقبة) بإضافة الجمرة، قال الحافظ: هو نحو يا نساء المؤمنات، أي يأتي الجمرة ذات العقبة، وثبت كذلك في رواية سليمان (عن يونس عن الزهري عن سالم) عند البخاري، وفي رواية عثمان بن عمر (عن يونس) ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة (ولا يقف عندها) أي للدعاء (ثم ينصرف) أي ابن عمر. وفي الحديث مشروعية التكبير عند رمي كل حصاة، وقد أجمعوا على أن من تركه لا يلزمه شيء إلا الثوري فقال: يطعم وإن جبره بدم أحب إليَّ، وعلى الرمي بسبع وعلى استقبال القبلة والقيام طويًلا عند الجمرتين أي الأولى والثانية والتضرع عندهما، وفيه التباعد من موضع الرمي عند القيام بالدعاء حتى لا يصيب رمي غيره، وفيه مشروعية رفع اليدين في الدعاء وترك الدعاء والقيام عند جمرة العقبة. قال ابن قدامة: لا نعلم لما تضمنه حديث ابن عمر هذا مخالفًا إلا ما روي عن مالك من ترك رفع اليدين عند الدعاء بعد رمي الجمار، فقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا أنكر رفع اليدين في الدعاء عند الجمرة إلا ما حكاه ابن القاسم عن مالك – انتهى. قال الحافظ: ورده ابن المنير بأن الرفع لو كان هنا سنة ثابتة ما خفي عن أهل المدينة وغفل رحمه الله تعالى عن أن الذي رواه من أعلم أهل المدينة من الصحابة في زمانه وابنه سالم أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة، والراوي عنه ابن شهاب عالم المدينة ثم الشام في زمانه، فمن علماء المدينة إن لم يكونوا هؤلاء؟ والله المستعان – انتهى. ونقل في المحلى عن ابن المنذر أنه قال: لا أعلم أحدًا أنكر ذلك غير مالك فإن ابن القاسم حكى عنه أنه لم يكن يعرف رفع اليدين هناك. قال وإتباع السنة أفضل، وقيل يرفع حكاه ابن التين وابن الحاجب – انتهى. وحكى القسطلاني عن ابن فرحون من المالكية في مناسكه في رفع اليدين في الدعاء قولان – انتهى. ولم يذكر في الحديث حال الرمي في المشي والركوب، وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن ابن عمر كان يمشي إلى الجمار مقبلاً ومدبرًا، وعن جابر أنه كان لا يركب إلا من ضرورة، وروى الترمذي عن ابن عمر وصححه والبيهقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمار مشي إليها ذاهبًا وراجعًا، وفي لفظ عنه كان يرمي الجمرة يوم النحر راكبًا وسائر ذلك ماشيًا، ويخبرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك. رواه أحمد (ج ٢: ص ١١٤، ١٣٨، ١٥٦) وأبو داود والبيهقي (رواه البخاري) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٢: ١٥٢) والنسائي والبيهقي (ج ٥: ص ١٤٨) .