٢٦٨٦ - (٤) وعن ابن عمر، قال: استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له.
ــ
٢٦٨٦- قوله (استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى) المراد بها ليلة الحادي عشر واللتين بعده (من أجل سقايته) قال القاري: أي التي بالمسجد الحرام المملوءة من ماء زمرم المندوب الشرب منها عقب طواف الإفاضة وغيره إذا لم يتيسر الشرب من البئر للخلق الكثير، وهي الآن بركة، وكانت حياضًا في يدي قصي، ثم منه لابنه عبد مناف ثم منه لابنه هاشم، ثم منه لابنه عبد المطلب ثم منه لابنه العباس ثم منه لابنه عبد الله ثم منه لابنه علي وهكذا إلى الآن، لكن لهم نواب يقومون بها.قالوا: وهي لآل عباس أبدًا - انتهى. وروى الفاكهي بسنده عن عطاء قال: سقاية الحاج زمرم. وقال الأزرقي: كان عبد مناف يحمل الماء في الروايا والقرب إلى مكة ويسكبه في حياض من أدم بفناء الكعبة للحجاج، ثم فعله ابنه هاشم بعده، ثم عبد المطلب، فلما حفر زمزم كان يشترى الزبيب فينبذه في ماء زمزم ويسقي الناس. قال ابن إسحاق: لما ولى قصي بن كلاب أمر الكعبة كان إليه الحجابة والسقاية واللواء والرفادة ودار الندوة، ثم تصالح بنوه على أن لعبد مناف السقاية والرفادة، والبقية للأخوين، ثم ذكر نحو ما تقدم، وزاد ((ثم ولي السقاية من بعد عبد المطلب ولده العباس وهو يومئذ من أحدث إخوته سنًا، فلم تزل بيده حتى أقام الإسلام وهي بيده، فأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه فهي اليوم إلى بني العباس)) كذا في الفتح. وقال الطبري: قال أهل التواريخ: كان أصل السقاية حياض من أدم توضع على عهد قصي بفناء الكعبة ويستقي فيها الماء للحاج، وأصل الرفادة خرج كانت قريش تخرجه من أموالها إلى قصي يصنع به طعامًا للحاج يأكله من ليس له سعة..... وما زال ذلك الأمر حتى قام به هاشم ثم أخوه عبد المطلب ثم عبد المطلب ثم قام به العباس (فأذن له) وفي رواية: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس أن يبيت بمكة أيام منى من أجل سقايته، والمراد بأيام منى لياليها كما وقع في رواية البخاري، وهي ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر. والحديث دليل على مشروعية المبيت في منى ليالي أيام التشريق، وعلى جواز التخلف عن المبيت فيه لأجل السقاية. واتفق العلماء على ذلك، ثم اختلفوا هل المبيت فيه واجب أو سنة فذهب مالك وأصحابه إلى أنه واجب ولو بات ليلة واحدة منها أو جل ليلة وهو خارج عن منى لزمه دم لأثر ابن عباس ((من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا)) أخرجه البيهقي، وروى مالك في الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: لا يبين أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة. ومذهب أبي حنيفة هو أن عدم المبيت بمنى ليالي منى مكروه لأنه - صلى الله عليه وسلم - بات بمنى، وعمر كان يؤدب على ترك المقام بها، ولو بات بغيرها متعمدًا لم يلزمه شيء عند أبي حنيفة وأصحابه لأنهم يرون أن المبيت بمنى لأجل أن يسهل