الترمذي) ولا على فائت الحج لأن الواجب عليه العمرة وليس لها طواف الوداع، وقال مالك: من أخر طواف الوداع وخرج ولم يطف إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن لم يرجع فلا شيء عليه. وقال عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعي في أظهر قوليه وأحمد وإسحاق وأبو ثور: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن تباعد مضى واهراق دمًا، واختلفوا في حد القرب فروي أن عمر رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع وبينه وبين مكة ثمانية عشر ميلاً (رواه مالك ولم يحد له هو حدًا بل أراد الحكم على المشقة كما قال الباجي) وعند أبي حنيفة يرجع ما لم يبلغ المواقيت، وعند الشافعي وأحمد يرجع من مسافة لا تقصر فيها الصلاة، وعند الثوري يرجع ما لم يخرج من الحرم (إلا أنه خفف) بصيغة المجهول من التخفيف أي طواف الوداع (عن الحائض) وفي معناها النفساء وعلى هذا الاستثناء اتفاق جميع أهل العلم. واستدل به على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وقد تقدم الكلام في ذلك، وصنيع البغوي يدل على أن قوله ((إلا أنه خفف عن الحائض)) تتمة قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا ينفرن أحدكم، إلخ. والأمر ليس كذلك، فإنه قد انتهى إلى قوله ((بالبيت)) والاستثناء المذكور إنما هو تتمة قول ابن عباس عند الشيخين: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، كما تقدم وهو دليل على سقوط طواف الوداع عن المرأة الحائضة، فلا يكون واجبًا عليها ولا يلزمها دم بتركه. قال ابن قدامة: المرأة إذا حاضت قبل أن تودع خرجت ولا وداع عليها ولا فدية، وهذا قول عامة فقهاء الأمصار، وقد روى عن عمر وابنه أنهما أمرا الحائض بالمقام لطواف الوداع. وكان زيد بن ثابت يقول به، ثم رجع عنه كما روى مسلم. وروى عن ابن عمر أنه رجع إلى قول الجماعة أيضًا، وقد ثبت التخفيف عن الحائض بحديث صفية حين قالوا: يا رسول الله إنها حائض، فقال: أحابستنا هي قالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: فلتنفر إذًا، ولا أمرها بفدية ولا غيرها. وفي حديث ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. والحكم في النفساء كالحكم في الحائض – انتهى. وقال النووي: حديث ابن عباس دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها، ولا يلزمها دم بتركه، هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكى ابن المنذر عن عمر وابنه وزيد بن ثابت أنهم أمروا بالمقام لطواف الوداع، ودليل الجمهور هذا الحديث وحديث صفية – انتهى. وروى البخاري من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت، قال: وسمعت ابن عمر يقول: إنها لا تنفر. ثم سمعته يقول بعد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لهن. قال الحافظ: قوله ((ثم سمعته يقول بعد)) إن ذلك كان قبل موت ابن عمر بعام كما وقع للطحاوي من رواية عقيل عن الزهري عن طاوس، وقال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع،