للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٣٠٣- (٣) وعن علي، قال: قال: ((كنت رجلاً مذاء، فكنت أستحيي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فأمرت المقداد، فسأله، فقال: يغسل ذكره

ــ

عدم القبول والاستحقاق العقاب، كالصلاة بغير طهور في ذلك، انتهى. فكما أن الطهارة شرط للصلاة المقبولة، كذلك كون المال طيباً شرط للصدقة المقبولة. ولعل وجه تخصيص الغلول بالذكر، وإن كان الحكم عاماً لجميع الأموال المحرمة – كثمن الخمر وأجرة المزنية والربا والسرقة ونحوها- أن الغنيمة فيها حق لجميع المسلمين، فإذا كان التصدق من المال الذي فيها حق غير مقبولة، فأولى أن لا تقبل من المال الذي ليس فيه حق. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي وابن ماجه، وأخرجه أبوداود والنسائي وابن ماجه، عن أبي المليح عن أبيه، وابن ماجه عن أنس وأبي بكرة.

٣٠٣- قوله: (مذاء) صيغة مبالغة، أي كثير المذي، وفيه لغات أفصحها بفتح الميم وسكون الذال وتخفيف الياء ثم بكسر الذال وتشديد الياء، وهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند الملاعبة والتقبيل، أو تذكر الجماع، أو إرادته عادة، وقد لا يحس بخروجه. (أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي عن حكم المذي، هل هو نجس موجب للغسل أم لا؟. (لمكان ابنته) أي فاطمة، لكونها تحته. والمذي كثيراً ما يخرج عند ملاعبة الزوجة. (فأمرت المقداد فسأله) أي مبهما بأن قال مثلا: رجل خرج من ذكره مذى، ما الحكم فيه؟ لا لعلى خاصة بالتعيين، وقد وقع الاختلاف في السائل هل المقداد؟ كما في هذه الرواية، أو عمار؟ كما رواية للنسائي، أو علي؟ كما في رواية لابن حبان، والإسماعيلي، والترمذي، وجمع ابن حبان بين ذلك، بأن علياً أمر عماراً أن يسأل ثم أمر المقداد بذلك، ثم سأل بنفسه، إلا أنه تعقب بأن قوله: فكنت أستحيي الخ. دال على أنه لم يباشر السؤال، فنسبة السؤال إليه في رواية من قال: إن علياً سأل، مجاز، لكونه الآمر بالسؤال، أو يقال: أنه سأل هو بنفسه بعد سؤالهما للإحتياط، أو يقال: إنه لما أبطأ في السؤال، سأل بنفسه لشدة إحتياجه إليه، وسألا أيضاً في أوقات مختلفة، وأخبراه بذلك، وقد يجمع بأنه سألهما معاً أن يسألاه - صلى الله عليه وسلم -، كما في رواية لعبد الرزاق: فسأله المقداد بحضرة عمار وعلي، فنسبة عمار إلى أنه سأل عن ذلك محمولة على المجاز لكونه قصده، ولكون المقداد سأله بحضرته، كما أن نسبة السؤال إلى علي محمولة على المجاز؛ لكونه الآمر ولكون المقداد سأله بحضرته. (يغسل ذكره) لنجاسته، وإطلاق لفظ "ذكره" ظاهر في غسل الذكر كله، وليس كذلك إذ الواجب غسل محل الخارج وموضع النجاسة فقط، وإنما هو من إطلاق لفظ الكل على البعض، والقرينة أن الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج، فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، ويؤيده ما عند الإسماعيلي في رواية فقال: توضأ واغسله" فأعاد الضمير إلى المذي، وهذا مذهب الجمهور، وذهب بعض المالكية إلى أنه يغسله كله، عملاً بلفظ الحديث، وذهب بعض الحنابلة إلى أنه يغسله كله مع الأنثيين. واستدل لذلك برواية أبي داود: يغسل ذكره وأنثييه، وفي رواية أخرى له: فتغسل من ذلك فرجك

<<  <  ج: ص:  >  >>