للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................................................................................

ــ

وعليه الجمهور، وحجتهم حديث أبي أيوب وكان مالك يكره ذلك للمحرم لأثر ابن عمر أنه كان لا يغسل رأسه إلا من احتلام، ويجوز غسل الرأس بالسدر والخطمى عند الشافعية (ورواية للحنابلة) مع الكراهة بحيث لا ينتف شعرًا ولا فدية عليه. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى التحريم ولزوم الفدية. وقال صاحبا أبي حنيفة: عليه صدقة لأن الخطمى تستلذ رائحته وتزيل الشعث وتقتل الهوام فوجبت به الفدية كالورس وقال ابن رشد: قال الجمهور (أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري والأوزاعي) : لا بأس بغسل المحرم رأسه، وقال مالك يكره، وعمدته أثر ابن عمر (المذكور) وعمدة الجمهور حديث أبي أيوب وحمله مالك على غسل الجنابة والحجة له إجماعهم على أن المحرم ممنوع من قتل القمل ونتف الشعر وإلقاء التفث، والغاسل رأسه إما أن يفعل هذه كلها أو بعضها – انتهى. وقال الأبي في الإكمال: اختلف في غسل المحرم تبردًا أو غسل رأسه فأجازه الجمهور كما قال عمر: لا يزيده الماء إلا شعثًا، وتؤول عن مالك مثله وتؤولت عنه الكراهة أيضًا، وكره غمس المحرم رأسه في الماء، وعللت الكراهة بأنه من تحريك يده في غسله أو غمسه قد يقتل بعض الدواب أو يسقط بعض الشعر، وقيل: لعله رآه من تغطية الرأس – انتهى. وقال الباجي: الغسل للتبرد جائز للمحرم وإن كان لغير ضرورة. وهذه رواية ابن القاسم عنه – انتهى. قلت: وأثر ابن عمر المذكور بظاهره معارض لما روى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يدخل مكة إذا خرج حاجًا أو معتمرًا حتى يغتسل قبل أن يدخل إذا دنا من مكة بذي طوى ويأمر من معه فيغتسلون قبل أن يدخلوا مكة. قال الحافظ: ظاهره أن غسله لدخول مكة كان لجسده دون رأسه، وهكذا قال الباجي وزاد ((قال ابن حبيب: إذا اغتسل المحرم لدخول مكة فإنما يغسل جسده دون رأسه فقد كان ابن عمر لا يغسله)) . وقال الشيخ أبو محمد: لعل ابن عمر كان لا يغسل رأسه إلا من جنابة يعني في غير هذه المواضع الثلاثة فذهب إلى تخصيص ذلك وحكى ابن المواز عن مالك أن المحرم لا يتدلك رأسه في غسل دخول مكة ولا يغسل رأسه إلا بصب الماء فقط. واعتبر الباجي من قول مالك أنه في كل موضع أباح الغسل للمحرم لغير جنابة لا يذكر فيه إمرار اليد وإنما يذكر فيه صب الماء، وإذا ذكر غسل الجنابة ذكر إمرار اليد. وقال الشافعي: نحن ومالك لا نرى بأسًا أن يغسل المحرم رأسه من غير احتلام، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتسل وهو محرم وأطال الكلام إلى أن قال: وقد يذهب على ابن عمر وغيره السنن ولو علمها ما خالفها – انتهى. وقال في المحلى: قوله ((كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام)) أي تحريًا لما هو الأفضل لما روى الترمذي عن ابن عمر مرفوعًا ((الحاج الشعث التفل)) انتهى، وأما غسل الرأس بالخطمى والسدر ونحوه فاختلفوا فيه أيضًا كما تقدم، قال العيني: إن غسل رأسه بالخطمى والسدر فإن الفقهاء يكرهونه وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأوجب مالك وأبو حنيفة عليه الفدية. وقال الشافعي وأبو ثور: لا شيء عليه، وقال في البناية: لا يغسل رأسه ولا لحيته بالخطمى،

<<  <  ج: ص:  >  >>