للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠٩ – (٧) وعن أبي أيوب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل رأسه وهو محرم.

ــ

سرف، ولهذا قال في روايته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج بماء يقال له سرف وهو محرم، وتقدم أن هذا الماء أقرب إلى مكة من المدينة، وميقات أهل المدينة أقرب إلى المدينة من مكة فثبت أنه كان محرمًا بسرف ولم يبلغ ابن عباس خبر الزواج إلا بهذا المكان ففهم أنه حصل حينئذ.

٢٧٠٩ – قوله (كان يغسل رأسه وهو محرم) فيه دليل على جواز الاغتسال للمحرم وغسله رأسه وتشريبه شعره بالماء، وفي الحديث قصة وهو مختصر من حديث طويل رواه الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستر بثوب فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس يسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب، فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر فقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل. وقد ترجم البخاري لهذا الحديث ((باب الاغتسال للمحرم)) قال الحافظ: أي ترفهًا وتنظفًا وتطهرًا من الجنابة، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك، وكأن المصنف (أي البخاري) أشار إلى ما روي عن مالك أنه كره للمحرم أن يغطي رأسه في الماء، وروى في الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام. قال الحافظ: وفي الحديث جواز غسل المحرم وتشريبه شعره بالماء ودلكه بيده إذا أمن تناثره. وقال الزرقاني: دل حديث أبي أيوب على جواز ذلك ما لم يؤد إلى نتف الشعر، وقال الباجي: ليس في إمرار اليد على الرأس قتل الدواب ولا إزالتها عن موضعها إلا مثل ما في صب الماء على الرأس خاصة، ولذلك كانا مباحين فأما الانغماس في الماء فإنه محظور عند مالك على المحرم لأنه ربما زال القمل بكثرة الماء عن الشعر، وقد روى عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس إجازة انغماس المحرم في الماء. قال العيني: وكان أشهب وابن وهب يتغامسان في الماء وهما محرمان مخالفة لابن القاسم، وكان ابن القاسم يقول: إن غمس رأسه في الماء أطعم شيئًا من طعام خوفًا من قتل الدواب ولا تجب الفدية إلا بيقين، وعن مالك استحبابه ولا بأس عند جميع أصحاب مالك أن يصب المحرم على رأسه الماء لحر يجده – انتهى. قال الساعاتي في شرح المسند: اتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده من الجنابة بل هو واجب عليه، وأما غسله تبردًا فمذهب الجمهور جوازه بلا كراهة، واختلفوا في غسل المحرم رأسه فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري والأوزاعي إلى أنه لا بأس بذلك، ووردت الرخصة به عن عمر بن الخطاب وابن عباس وجابر

<<  <  ج: ص:  >  >>