للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم، قال الشيخ الإمام محيي السنة رحمه الله: والأكثرون على أنه تزوجها حلالاً، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة.

ــ

وكان هو وكيل عقد النكاح، والوكيل أعرف من الموكل وكذا يكون ابن العباس أعرف بالقضية. وفيه ما تقدم أن صاحب القضية أي ميمونة أعرف بقضيتها ولم يرو عن العباس في وقت التزويج شيء ولم يثبت شهود ابنه واقعة النكاح، ومنها أم حديث ابن عباس مؤيد بالقياس فإنه عقد كسائر العقود التي يتلفظ بها من شراء الأمة للتسري وغيره كما حكي عن أنس فيما رواه الطحاوي. وفيه أن الواجب حينئذ الرجوع إلى الحديث القولي أي حديث عثمان لا إلى القياس فإن تحكيم القياس عند التعارض بين حكايتي فعل مع وجود النص القولي غير صحيح فإن فيه تركًا للنص وعملاً بالقياس، الوجه الثاني من الوجهين اللذين أجاب بهما القائلون بالجواز هو أن المراد بالنكاح والتزوج في حديث يزيد بن الأصم هو الدخول والبناء والوطء دون العقد. قال القاري: قوله تزوجها أي دخل بها. وقال ابن الهمام: يحمل لفظ التزوج في حديث ابن الأصم على البناء بها مجازًا بعلاقة السببية العادية – انتهى. وبنحو ذلك قال الزبيدي في شرح الإحياء. وفيه أنه روى مسلم عن ابن نمير عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء أن ابن العباس أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم. قال عمرو بن دينار: فحدثت به الزهري فقال: أخبرني يزيد بن الأصم أنه نكحها وهو حلال، زاد عبد الرزاق والبيهقي: قال عمرو بن دينار ((فقلت لابن شهاب: أتجعل أعرابيًا بوالاً على عقبيه على ابن عباس)) وهي خالة ابن عباس أيضًا؟ ولفظ الطحاوي ((أتجعله مثل ابن عباس؟)) قال البيهقي: ويزيد بن الأصم لم يقله عن نفسه إنما حدث به عن ميمونة بنت الحارث – انتهى. فهذه الرواية تدل على أن المراد بالنكاح والتزوج في حديثي ابن عباس ويزيد بن الأصم عند عمرو بن دينار وابن شهاب هو العقد لا الوطء والبناء وإلا لما صح المقابلة والمعارضة فافهم، وكذا يدل على بطلان التأويل المذكور رواية أحمد والترمذي والبيهقي لحديث يزيد بن الأصم عن ميمونة بلفظ ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها حلالاً وبنى بها حلالاً)) (رواه مسلم) في النكاح وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٦: ص ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٣٥) وأبو داود وابن ماجة والدرامي وابن الجارود والبيهقي (ج ٥: ص ٦٦، وج ٧: ص ٢١١) (قال الشيخ الإمام محيي السنة) أي صاحب المصابيح (والأكثرون) قال القاري: يعني الأئمة الثلاثة وأتباعهم (على أنه تزوجها حلالاً) أي عقد عليها قبل أن يحرم (وظهر أمر تزويجها) أي بسرف ذاهبًا على مكة (وهو محرم ثم بنى) أي دخل بها (وهو حلال بسرف) على وزن كتف غير منصرف وقيل منصرف (في طريق مكة) أي إلى المدينة وذلك بعد فراغه من عمرته المسماة بعمرة القضاء، قال الساعاتي في شرح المسند: وهذا الجمع وجيه وعليه فيقال إن ابن عباس لم يعلم بالعقد إلا بعد انتشاره والنبي - صلى الله عليه وسلم - محرم بسرف، ففهم أن العقد لم يحصل إلا في المكان الذي يقال له

<<  <  ج: ص:  >  >>