للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٣٠٧- (٧) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا، فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا. فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً))

ــ

شدة نتنها. وقيل: الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين، ويدل عليه حديث ابن مغفل عند أحمد، والنسائي، وحديث البراء عند أبي داود، وحديث أي هريرة عند ابن ماجه، قال الإمام الشوكاني بعد بيان اختلافهم في تعليل النهي بنحو ما ذكرنا: إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة، تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي، وهو التحريم، كما ذهب إليه أحمد، والظاهرية، انتهى. ولا يعارضه حديث الصلاة إلى الراحلة بجعلها سترة في الصلاة؛ لأن ذلك كان في السفر حالة الضرورة، ولأن النهي مقصور على موضع بروكها وعطنها، وفرق بين الصلاة في العطن وبين جعلها سترة في الصلاة في حال شد الرحل عليها. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود الطيالسي وابن ماجه وابن حبان.

٣٠٧- قوله: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً) أي كالقرقرة بأن تردد في بطنه ريح في الصلاة أو خارج الصلاة. (فأشكل عليه) بفتح الهمزة أي التبس. (أخرج) الهمزة للاستفهام. (فلا يخرجن) أي للتوضوء؛ لأن المتيقن لا يبطله الشك. (من المسجد) يوهم أن حكم غير المسجد بخلاف المسجد، لكن أشير به إلى الأصل أن يصلى في المسجد؛ لأنه مكانها، فعلى المؤمن ملازمته، والمواظبة على إقامة الصلوات مع الجماعات. (حتى يسمع صوتاً) أي صوت ريح يخرج منه. (أو يجد ريحاً) أي رائحة ريح خرجت منه، ومعناه حتى يتيقن الحدث بطريق الكناية، أعم من أن يكون بسماع الصوت، أو وجدان رائحة أو يكون بشيء آخر، لا أن سماع الصوت أو وجدان الريح شريط، إذ وقد يكون الأصم فلا يسمع الصوت، وقد يكون أخشم فلا يجد الريح، وينتقض طهره إذا تيقن الحدث. وفيه دليل على أن الريح الخارجة من قبل المرأة وذكر الرجل توجب الوضوء، وبه قال الشافعي، وإليه ذهب بعض الحنفية، ورجحه الشيخ عبد الحي اللكنوى، لكونه موافقاً للأحاديث، وقال بعض الحنفية: لا توجب. وإليه مال صاحب الهدايا، وعلل بأنها لا تنبعث عن محل النجاسة، وهو مبني على أن عين الريح ليست بنجسة وإنما يتنجس بمرورها على محل النجاسة، وهذا لا يتمشى على قول من قال من مشائخ الحنفية بتنجس عين الريح، وعلل بعضهم، بأنها اختلاج لا ريح، وليس بشيء خارج، لكن هذا أيضاً قاصر، فإنه لا يتمشى فيما إذا وجد النتن، أو سمع الصوت من القبل أو الذكر، فإن هناك لاشك في خروج شيء. وفيه دليل على أن اليقين لا يزول بالشك الطارئ في شيء من أمر الشرع، وهو قول عامة أهل العلم، فمن حصل له شك أو ظن بأنه أحدث وهو على يقين من طهارته، لم يضره ذلك حتى يحصل له اليقين، كما أفاده قوله: "حتى يسمع" الخ، فإنه علقه بحصول ما يحسه، وذكرهما تمثيل، وإلا فكذلك سائر النواقض، كالمذي والودي، والحديث عام لمن كان في الصلاة أو خارجها، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>