إلى ذلك، ورآه الأفضل له فقد نهى الإنسان عن أذى نفسه وتحمل المشقة الخارجة عن العادة المؤذية التي لا يطيقها الإنسان غالبًا في العبادات ولذلك كره من الحولاء بنت تويت أن لا تنام الليل، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: اكلفوا من العمل ما تطيقون – انتهى. وقوله ((أن يلحق رأسه)) أي يزيل شعره أعم من أن يكون بموسى أو بمقص أو نورة، قاله الزرقاني، وقال ابن قدامه: لا نعلم خلافًا في إلحاق الإزالة بالحلق سواء كان بموسى أو مقص أو نورة أو غير ذلك وأغرب ابن حزم فأخرج النتف عن ذلك، فقال يلحق جميع الإزالات بالحلق إلا النتف، كذا في الفتح (وأطعم) أمر وجوب وهو بيان لقوله تعالى: ((أو صدقة)) فرقًا) بفتح الفاء والراء وقد تسكن قاله ابن فارس. وقال الأزهري: كلام العرب بالفتح والمحدثون قد يسكنونه وآخره قاف، مكيال معروف بالمدينة وهو ستة عشر رطلاً. قال الحافظ: وإذا ثبت أن الفرق ثلاثة آصع كما سيأتي اقتضي أن الصاع خمسة أرطال وثلث خلافًا لمن قال إن الصاع ثمانية أرطال (بين ستة مساكين قال الطيبي: فلكل واحد نصف صاع بلا فرق بين الأطعمة (والفرق ثلاثة آصع) كذا في صحيح مسلم وكتاب الحميدي وشرح السنة، وفي نسخ المصابيح ((أصوع)) وكلاهما جمع صاع. وأخطأ من قال ((آصع)) لحن قال الطيبي: صح هذا اللفظ في الحديث وهو من قبيل القلب وأصله أصوع – انتهى. والمراد بالقلب القلب المكاني بأن تجعل الواو مكان الصاد وعكسه بعد نقل حركة الواو إلى الصاد ثم تقلب الواو ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، وكذا في المرقاة وقال النووي: الآصع جمع صاع، وفي الصاع لغتان، التذكير والتأنيث وهو مكيال يسع خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي، هذا مذهب مالك وأحمد وجماهير العلماء، وقال أبو حنيفة يسع ثمانية أرطال، وأجمعوا على أن الصاع أربعة أمداد، وهذا الذي قدمناه من أن الآصع جمع صاع صحيح، وقد ثبت استعمال الآصع في هذا الحديث الصحيح من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك هو مشهور في كلام الصحابة والعلماء بعدهم، وفي كتب اللغة وكتب النحو والتصريف، ولا خلاف في جوازه وصحته – انتهى. وذكر الحافظ في الفتح هذه الرواية عن مسلم ثم قال: وأخرجه الطبري من طريق يحيى بن آدم عن ابن عيينة فقال: فيه قال سفيان: والفرق ثلاثة آصع، فأشعر بأن تفسير الفرق مدرج لكنه مقتضي الروايات الأخر ففي رواية سليمان بن قرم عن ابن الأصبهاني عند أحمد ((لكل مسكين نصف صاع)) وفي رواية يحيى بن جعدة عند أحمد أيضًا ((أو أطعم ستة مساكين مدين مدين)) وفي رواية زكريا عن ابن الأصبهاني عند مسلم ((أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكينين صاع)) وكذا أخرجه مسدد في مسنده عن أبي عوانة عن ابن الأصبهاني، وللبخاري عن أبي الوليد عن شعبة عن ابن الأصبهاني ((أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)) ثم أنه اختلفت الروايات في ذكر ما يخرج في الصدقة وفي مقدار الواجب لكل مسكين من المخرج، فللطبراني كما قال الحافظ عن أحمد