(أو صم ثلاثة أيام) بيان لقوله تعالى {ففدية من صيام} قال ابن التين وغيره: جعل الشارع هنا صوم يوم معادلاً بصاع، وفي الفطر من رمضان عدل مد وكذا في الظهار والجماع في رمضان وفي كفارة اليمين بثلاثة أمداد وثلث، وفي ذلك أقوى دليل على أن القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات، كذا في الفتح، وفي الحديث دليل على أن الصوم في الفدية الواجبة بحلق الشعر ثلاثة أيام، وقد تقدم ما روي عن الحسن أنه قال: الصيام عشرة أيام، قال ابن كثير: هو قول غريب فيه نظر لأنه ثبت السنة في حديث كعب بن عجرة صيام ثلاثة أيام لا عشرة. وقال ابن عبد البر في الاستذكار: روي عن الحسن وعكرمة ونافع صوم عشرة أيام ولم يتابعهم أحد من العلماء على ذلك - انتهى، هذا ولا تخصيص لصيام الفدية عند العلماء بموضع دون موضع بل يجوز له أن يصوم في أي موضع شاء بالاتفاق بين الأئمة الأربعة وغيرهم، وأما الإطعام ففيه خلاف فذهب الشافعي إلى أن الإطعام لا يجزيه إلا في الحرم وبه قال أحمد، قال أبو حنيفة ومالك: لا يختص ذلك بمكة ولا بالحرم فيطعم حيث شاء (أو انسك) بوصل الهمزة وضم السين (نسيكة) أي اذبح ذبيحة، وفي رواية ((انسك شاة)) أي اذبح شاة، والنسك يطلق على العبادة وعلى الذبح المخصوص. وقوله - صلى الله عليه وسلم - المذكور بيان لقوله تعالى:{أو نسك} وترجم البخاري ((باب النسك شاة)) قال الحافظ: أي النسك المذكور في الآية حيث قال: أو نسك، وروى الطبري من طريق مغيرة عن مجاهد في آخر هذا الحديث ((فأنزل الله {ففدية صيام أو صدقة أو نسك} والنسك شاة)) ومن طريق محمد بن كعب القرظي عن كعب ((أمرني أن أحلق وأفتدى بشاة)) قال عياض ومن تبعه تبعًا لأبي عمر: كل من ذكر النسك في هذا الحديث مفسرًا إنما ذكروا شاة وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء. قال الحافظ: يعكر عليه ما أخرجه أبو داود من طريق نافع عن رجل من الأنصار عن كعب بن عجرة أنه أصابه أذى فحلق فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يهدي بقرة، وللطبراني من طريق عبد الوهاب بن بخت عن نافع عن ابن عمر قال: حلق كعب بن عجرة رأسه فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفتدي فافتدى ببقرة، ولعبد بن حميد من طريق أبي معشر عن نافع عن ابن عمر قال: افتدى كعب من أذى كان برأسه فحلقه ببقرة قلدها وأشعرها، ولسعيد بن منصور من طريق ابن أبي ليلى عن نافع عن سليمان بن يسار قيل لابن كعب بن عجرة: ما صنع أبوك حين أصابه الأذى في رأسه؟ قال: ذبح بقرة، فهذه الطرق كلها تدور على نافع. وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضها ما هو أصح منها من أن الذي أمر به كعب وفعله في النسك إنما هو شاة، وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبري عن أبي هريرة أن كعب بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله، واعتمد ابن بطال على رواية نافع عن سليمان بن يسار فقال: أخذ كعب بأرفع الكفارات ولم يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أمره به من ذبح الشاة بل وافق