للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

وفي الحديث دلالة على جواز الإدهان بالزيت الذي لم يخلط بشيء من الطيب، لكن الحديث ضعيف كما ستعرف، ويستدل بمفهومه على أنه لو كان مطيبًا لم يجز الإدهان به قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته. قال: وأجمعوا على أن الطيب لا يجوز استعماله في بدنه ففرقوا بين الطيب والزيت في هذا. قال الحافظ: فقياس كون المحرم ممنوعًا من استعمال الطيب في رأسه أن يباح له استعمال الزيت في رأسه – انتهى. قلت: في نقل الإجماع على جواز استعمال الزيت ونحوه في جميع البدن نظر، فكلام الحنفية والمالكية يدل على أن الإدهان ممنوع عندهم، ففي الهداية: ولا يمس طيبًا لقوله عليه السلام: الحاج الشعث التفل، وكذا لا يدهن لما روينا – انتهى. قال ابن الهمام: والشعث انتشار الشعر وتغيره لعدم تعهده، فأفاد منع الإدهان – انتهى. وقال القاري في شرح المناسك: إن ادهن بدهن غير مطيب كالزيت الخالص وأكثر منه فعليه دم عند أبي حنيفة وصدقة عندهما، وروي عنه مثل قولهما وإن استقل منه فعليه صدقة اتفاقًا، هذا إذا استعمله على وجه الطيب، أما إذا استعمله على وجه التداوي أو الأكل فلا شيء عليه اتفاقًا. ولو ادهن بسمن أو شحم أو ألية أو أكله فلا شيء عليه، ولا فرق بين الشعر والجسد في الدهن – انتهى. وفي البدائع: لو ادهن بدهن فإن كان الدهن مطيبًا فعليه دم إذا بلع عضوًا كاملاً، وإن كان غير مطيب بأن ادهن بزيت فعليه دم في قول أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد عليه صدقة ولو داوى بالزيت جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه لأنه ليس بطيب بنفسه. وإن كان أصل الطيب لكنه ما استعمله على وجه الطيب فلا يجب به الكفارة بخلاف ما إذا تداوى بالطيب أنه تجب به الكفارة لأنه طيب في نفسه فيستوي فيه استعماله للتطيب أو لغيره، وإن ادهن بشحم أو سمن فلا شيء عليه لأنه ليس بطيب في نفسه، ولا أصل للطيب بدليل أنه لا يطيب بإلقاء الطيب فيه ولا يصير طيبًا بوجه، وقد قال أصحابنا: إن الأشياء التي تستعمل في البدن على ثلاثة أنواع: نوع هو طيب محض معد للتطيب كالمسك ونحوه فتجب به الكفارة على أي وجه استعمل حتى قالوا لو داوى عينه بطيب تجب عليه الكفارة، ونوع ليس بطيب بنفسه وليس فيه معنى الطيب ولا يصير طيبًا بوجه كالشحم فسواء أكل أو ادهن به أو جعل في شقوق الرجل لا تحب الكفارة، ونوع ليس بطيب بنفسه لكنه أهل الطيب يستعمل على وجه الطيب ويستعمل على وجه الإدام كالزيت والشيرج فيعتبر فيه الاستعمال، فإن استعمل استعامل الإدهان في البدن يعطى له الحكم الطيب، وإن استعمل في مأكول أو شقاق رجل لا يعطى له الحكم الطيب كالشحم – انتهى. وقال في اللباب: لا فرق بين الشعر والجسد في الدهن. وقال الباجي: الإدهان بعد الإحرام وقبل وجود شيء من التحلل ممنوع بدهن مطيب وغير مطيب، وروى ابن حبيب عن الليث إباحة ذلك بكل ما يجوز له أكله من الأدهان، وقال: أنه قول عمر وعلي، فإن فعل شيئًا من ذلك فقد روى ابن حبيب عن مالك أن عليه الفدية، واختار ابن حبيب أن لا فدية

<<  <  ج: ص:  >  >>