للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................................................................................

ــ

عليه - انتهى. وقال في موضع آخر: استعمال الدهن الذي ليس بمطيب يكون في ثلاثة مواضع: أحدهما أن يستعمله في باطن جسده بأن لا يظهر منه كتقطيره في الأذن والاستسعاط به والمضمضة فإن هذا كله جائز للمحرم أن يفعله ولا شيء عليه فيه لأنه بمنزلة أكله وهو الذي ذكره مالك في الموطأ (في باب ما يجوز للمحرم أن يفعله) والثاني أن يستعمله في ظاهر بدنه غير باطن يديه وقدميه، فإن فعل فهذا ممنوع، وعليه الفدية عند مالك وجميع أصحابه. قال ابن حبيب: وقد روى إباحة ذلك، وبه أخذ الليث. وجه قول مالك أنه إزالة شعث لأنه مما يفعل للجمال والتنظف، وإن دهن بطون قدميه أو يديه لشقوق بهما فلا بأس بذلك، وإن فعل ذلك لغير علة فعليه الفدية، ووجه ذلك أنهما ظاهران ظهور سائر الأعضاء فإذا لم يقصد بدهنهما دفع مضرة فلا غرض في ذلك غير تحسين ظاهر الجسد وإزالة الشعث فوجبت بذلك الفدية، وإن قصد بذلك دفع المضرة أو القوة على العمل فلا فدية في ذلك لأنهما وإن ظهرا فإنهما باطنان من ظاهر الجسد ويختصان بالعمل وبذلك فارقا سائر الأعضاء من الجسد - انتهى. وقال النووي في المناسك: أما الأدهان فضربان دهن هو طيب، ودهن ليس بطيب كالزيت والشيرج والسمن فلا يحرم الإدهان به في غير الرأس واللحية، وأما ما هو طيب كدهن الورد والبنفسج فيحرم استعماله في جميع البدن والثياب، ثم قال في مبحث شعر الرأس واللحية: يحرم عليه دهنهما بكل دهن سواء كان مطيبًا أو غير مطيب كالزيت ودهن الجوز واللوز ولو دهن الأقرع رأسه بهذا الدهن فلا بأس به. وكذا لو دهن الأمرد ذقنه فلا بأس، ولو دهن محلوق الشعر رأسه عصى على الأصح ولزمه الفدية (بناء على أن الشعر إن نبت جمله ذلك الدهن الذي جعل عليه وهو محلوق، والوجه الثاني لا فدية، لأنه لا يزول به شعث، واختاره المزني وغيره) وقال ابن قدامة (ج ٣: ص ٣٢٢) : أما المطيب من الأدهان كدهن الورد والبنفسج فليس في تحريم الإدهان به خلاف في المذهب، وأما ما لا طيب فيه كالزيت والشيرج والسمن والشحم ودهن ألبان الساذج فقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسئل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج؟ فقال: نعم يدهن به إذا احتاج إليه ويتداوى المحرم. قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن، ونقل الأثرم جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد، ونقل أبو داود عن أحمد أنه قال: الزيت الذي يؤكل لا يدهن المحرم به رأسه، فظاهر أنه لا يدهن رأسه بشيء من الأدهان، وهو قول عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر، فأما دهن سائر البدن فلا نعلم عن أحمد فيه منعًا وقد ذكرنا إجماع أهل العلم على إباحته في اليدين (١) ، وإنما الكراهة في الرأس خاصة لأنه محل الشعر. وقال القاضي في إباحته في جميع البدن روايتان، فإن فعله فلا فدية فيه في ظاهر كلام أحمد سواء دهن رأسه أو غيره إلا أن


(١) كهذا في الأصل، والظاهر عندي (البدن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>