حرام وهو من أحرم بنسك أي المحرمون. قال الجوهري: رجل حرام، أي محرم، والجمع حرم، مثل قذال وقذل، قال العيني: قوله ((إلا أنّا حرم)) بفتح الهمزة في ((أنّا)) على أنه تعدى إليه الفعل بحرف التعليل فكأنه قال لأنّا، وقال أبو الفتح القشيري: إنّا مكسورة الهمزة لأنها ابتدائية لاستئناف الكلام، وقال الكرماني: لام التعليل محذوفة والمستثنى منه مقدر أي لا نرده لعلة من العلل إلا لأننا حرم، قال الحافظ: زاد صالح بن كيسان عند النسائي ((لا نأكل الصيد)) وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ((لولا أنّا محرمون لقبلناه منك)) . واستدل بالحديث من حرم أكل لحم الصيد على المحرم مطلقًا سواء صاده الحلال لنفسه أو لمحرم وذلك لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرمًا فدل على أنه سبب الامتناع خاصة، وأجاب الجمهور عنه بما ذكر عن الشافعي أنه قال: إن كان الصعب أهدى حمارًا حيًا فليس للمحرم أن يذبح حمارًا وحشيًا حيًا وإن كان أهدى لحمًا فيحتمل أن يكون علم أنه صيد له. قال الحافظ: جمع الجمهور بين ما اختلف من الأحاديث في الرد والقبول بأن أحاديث القبول (كحديث طلحة وحديث البهزي وحديث أبي قتادة) محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد (كحديث الصعب وحديث زيد بن أرقم) محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المحرم إذا صيد له إلا إذا كان محرمًا، فبين الشرط الأصلي وسكت عما عداه فلم يدل على نفيه، وقد بينه الأحاديث الأخر، ويؤيد هذا الجمع حديث جابر يعني الذي يأتي في الفصل الثاني وقال الزرقاني: حمل الجمهور حديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده لأنه كان عالمًا بأنه - صلى الله عليه وسلم - يمر به فصاده لأجله، قال: وتعليله - صلى الله عليه وسلم - للصعب بأنه محرم لا يمنع كونه صيد له ولأنه بين الشرط الذي يحرم الصيد على الإنسان إذا صيد له وهو الإحرام وقبل حمار البهزي وفرقه على الرفاق لأنه كان يتكسب بالصيد فحمله على عادته في أنه لم يصد لأجله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وهذا على رواية أن الصعب أهدى لحمًا أما على أنه أهداه حيًا فواضح، فالإجماع على أنه يحرم على المحرم قبول صيد وهب له وشراؤه واصطياده واستحداث ملكه بوجه من الوجوه، وأجاب الحنفية عن حديث الصعب بأنه مضطرب كما قال الطحاوي، وبأن الأظهر بل الصحيح في الرواية رد الحمار الحي كما تقدم عن الجمهور، وبأنه يحتمل أنه علم أنه صيد بدلالة المحرم أو إشارته وبأن حديث أبي قتادة أولى لأنه ليس فيه اضطراب مثل ما في حديث الصعب، وبأن رده - صلى الله عليه وسلم - يمكن أن يكون تنزهًا وسدًا لذرائع التوسع في أكل الصيد للمحرم وحسمًا لمادته لئلا يفضي استعمال ما لا بأس به إلى التساهل فيما به بأس في آخر الأمر، وهذه الأجوبة كلها مخدوشة لا يخفى على المصنف ما فيها من الخدشات والتعسفات، هذا. وفي حديث الصعب من الفوائد: الحكم بالعلامة لقوله: فلما رأى ما في وجهه، وفيه جواز رد الهدية إذا وجد مانع من قبولها وترجم له البخاري ((من رد الهدية لعلة)) وفيه كراهية رد هدية الصديق لما يقع في قلبه فإنه - صلى الله عليه وسلم - طيب نفسه بذكر