٢٧٢٣ – (٣) وعن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،
ــ
فقال: فكلوا إذًا. فلو كان من الموانع أن يصاد لهم لنظمه في سلك ما يسأل عنه منها في التفحص عن الموانع ليجيب بالحكم عند خلوه عنها، وهذا المعنى كالصريح في نفي كون الاصطياد لهم مانعًا – انتهى كلام القاري. وهو مأخوذ من تقرير ابن الهمام، وذكر بعض الحنفية كلام ابن الهمام وزاد عليه أن العادة قاضية بأن مثل هذا الحيوان أي الحمار الوحشي في عظم جثته وكثرة لحمه لا يصيده الصائد لأن يأكله هو وحده، وكان أبو قتادة إذ ذاك في السفر ولم يكن معه إلا رفقته المحرمون فيغلب على الظن – والله أعلم – أنه كان نوى تشريكهم في أكله ولا سيما بعد ما علم بقرائن الحال من تمنيهم اصطياده كما يدل عليه قوله في بعض الروايات ((فلم يؤذنوني به وأحبوا لو أني أبصرته)) – انتهى. وأجيب عن ذلك بأن رواية معمر عند أحمد وابن ماجة وابن خزيمة وغيرهم صريحة في أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل منه حينما أخبره أبو قتادة بأنه إنما اصطاده لأجله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يقتضي أن أبا قتادة لم يصد لأجل رفقته وأن الاصطياد لأجل المحرم من موانع الأكل ولذا امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكله وأذن لرفقته فيه، وأما استبعاد أن يصيد أبو قتادة الحمار الوحشي لأجله فقط دون رفقته فقد أجاب عنه صاحب تيسير العلام بما نصه: قد يستبعد أن يصيد أبو قتادة الحمار الوحشي لأجله وحده دون رفقته وهو إشكال في موضعه، والذي يزيل هذا الإشكال هو أن نفهم أن الصيد عند العرب هواية محببة لديهم وظرف يتعشقه ملوكهم وكبارهم، فلا يبعد أن أبا قتادة لما رأى حمر الوحش شاقه طرادها قبل أن يفكر في أنه سيصيدها ليأكل لحمها هو وأصحابه، وهذا شيء علمناه من أنفسنا فلقد تعبنا في طراد الصيد وأنفقنا في سبيله الوقت والمال لذة وشوقًا فإذا ظفرنا به رخص لدينا وذهب خطره من قلوبنا، والله أعلم.
٢٧٢٣ - قوله (وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) كذا في رواية مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عند الشيخين، وهكذا وقع في رواية ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عند مسلم، ووقع عند البخاري من رواية أبي عوانة عن زيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعند الشيخين من رواية يونس عن الزهري عن سالم قال: قال عبد الله بن عمر قالت حفصة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خمس من الدواب – الحديث. قال الحافظ: هذا والذي قبله قد يوهم أن عبد الله بن عمر ما سمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن وقع في بعض طرق نافع عنه ((سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -)) أخرجه مسلم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني نافع، وقال مسلم بعده: لم يقل أحد عن نافع عن ابن عمر ((سمعت)) إلا ابن جريج، وتابعه محمد بن إسحاق ثم ساقه من طريق ابن إسحاق عن نافع كذلك، فالظاهر أن ابن عمر سمعه من أخته حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسمعه أيضًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث به حين سئل عنه فقد وقع عند أحمد من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: نادى رجل، ولأبي عوانة في المستخرج من هذا