للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: " خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام:

ــ

الوجه، ((أن أعرابيًا نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا؟)) والظاهر أن المبهمة في رواية زيد بن جبير هي حفصة، ويحتمل أن تكون عائشة، وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب فأسقط حفصة من الإسناد، والصواب إثباتها في رواية سالم - انتهى. وقال الولي العراقي بعد ذكر اختلاف الروايات في الصحابي الذي روى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ولا يضر هذا الاختلاف، فالحديث مقبول سواء كان من رواية ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بواسطة حفصة أو غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. وقد تقدم من حديث ابن جريج في صحيح مسلم بسماع ابن عمر له من النبي - صلى الله عليه وسلم - (خمس) أي من الدواب، كما في رواية عند الشيخين، وهي بتشديد الموحدة جمع دابة وهي في الأصل ما يدب على وجه الأرض، والهاء للمبالغة، تقع على المذكر والمؤنث. قال الحافظ: الدواب جمع دابة وهو ما دب من الحيوان، وقد أخرج بعضهم منها الطير لقوله تعالى {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه} (الأنعام: الآية ٣٨) وحديث الباب يرد عليه فإنه ذكر في الدواب الخمس الغراب والحدأة، ويدل على دخول الطير أيضًا عموم قوله تعالى {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} (سورة هود: الآية ٧) وقوله تعالى {وكأين من دابة لا تحمل رزقها} (العنكبوت: الآية ٦٠) وفي حديث أبي هريرة عند مسلم في صفة بدء الخلق ((وخلق الدواب يوم الخميس)) ولم يفرد الطير بذكر، وقد تصرف أهل العرف في الدابة فمنهم من يخصها بالحمار ومنهم من يخصها بالفرس، وفائدة ذلك تظهر في الحلف - انتهى. وقال العيني: الدابة في الأصل لكل ما يدب على وجه الأرض، ثم نقله العرف العام إلى ذوات القوائم الأربع من الخيل والبغال والحمير، ويسمى هذا منقولاً عرفيًا، فإن قلت: في أحاديث الباب الغراب والحدأة وليسا من الدواب، ولو قال من الحيوان لكان أصواب، قلت: أكثر ما ذكر في أحاديث الباب الدواب فنظر إلى هذا الجانب - انتهى. وكلمة ((خمس)) مرفوع على الابتداء لتخصصها بالصفة وهي قوله ((لا جناح على من قتلهن)) والخبر قوله ((الفارة والغراب)) إلخ، وأما على ما وقع في الرواية الأخرى بلفظ ((خمس من الدواب)) فالصفة المخصصة هي قوله ((من الدواب)) والخبر قوله (لا جناح على من قتلهن) بضم الجيم أي لا إثم ولا جزاء والمعنى لا حرج (في الحرم) أي في أرضه، بفتح الحاء والراء المهملتين وهو الحرم المشهور أي حرم مكة (والإحرام) أي في حاله، ولفظ الكتاب لمسلم، أخرجه من رواية ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه، واللفظ المتفق عليه ((خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح)) أخرجاه من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر. قال الحافظ: ويؤخذ من الحديث جواز قتلهن الحلال، وفي الحل من باب الأولى، وقد وقع ذكر الحل صريحًا عند مسلم من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة بلفظ ((يقتلن في الحل والحرم)) ويعرف حكم الحلال بكونه لم يقم به مانع وهو الإحرام فهو بالجواز أولى - انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>