رواه الشافعي في الأم (ج ٢: ص ١٧٦) ولفظ أبي داود والنسائي وابن حبان كما في الموارد (ص ٢٤٣) والبيهقي (ج ٥: ص ١٩٠)((صيد البر (أي مصيده) لكم حلال)) وزاد أحمد (ج ٣: ص ٣٦٢) وعبد الرزاق (ج ٤: ص ٤٣٤) والترمذي والدراقطني (ص ٢٨٥)((وأنتم حرم)) (بضمتين جمع حرام بمعنى المحرم كردح جمع رداح ويقال رجل حرام وامرأة حرام) وفي رواية الحاكم ج ١: ص٣٥٢) وابن الجارود (ص ١٥٤)((لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم)) وكذا وقع في رواية للبيهقي (ج ٥: ص ١٩٠)(ما لم تصيدوه) أي بأنفسكم مباشرة (أو يصاد لكم) أي لأجلكم، وقوله ((يصاد)) كذا بالألف عند أبي داود والنسائي والدارقطني وابن حبان والبيهقي والطحاوي، ووقع عند أحمد (ج ٣: ص ٣٦٢) والترمذي وابن الجارود والشافعي ((أو يصد لكم)) أي مجزومًا بدون الألف، وهكذا وقع في رواية للحاكم كما قال الحافظ في التلخيص (ص ٢٢٥) وهكذا وقع عند أحمد (ج ٣: ص ٣٨٧) ويؤيد ذلك ما وقع عنده أيضًا (ج ٣: ص ٣٨٩) بلفظ ((لحم الصيد حلال للمحرم ما لم يصده أو يصده له)) ورواه عبد الرزاق بلفظ ((إلا ما اصطدتم أو اصطيد لكم)) ورواية الجزم أي بدون الألف ظاهرة لا إشكال فيها فأنها جارية على قوانين العربية، لأن قوله ((أو يصد)) معطوف على المجزوم، وأما رواية الألف فقيل هي جارية على لغة منها قول الشاعر:
ألم يأتيك والأخبار تنمى ومنها قوله تعالى:((ومن يتقي ويصبر)) سورة يوسف: الآية ٩٠ بإثبات الياء ولا يخفى ما فيه، وقال السندي الوجه نصب ((يصاد)) على أن ((أو)) بمعنى ((إلا أن)) فلا إشكال – انتهى. وقال القاري: قال بعض علمائنا: بالنصب بإضمار أن وأو بمعنى إلا يعني لحم صيد ذبحه حلال من غير دلالة المحرم وإعانته حلال لكم إلا أن يصاد لأجلكم وبهذا يستدل مالك والشافعي على حرمة لحم ما صاده الحلال لأجل المحرم، قلت: ما ذهب مالك والشافعي هو مذهب جمهور العلماء كما قدمنا في أول الباب، واحتج لهم بحديث جابر: فما صاده الحلال لأجل المحرم حرم على المحرم وما لم يصده لأجله حل له، وقد صح هذا التفصيل عن عثمان بن عفان، وأراد هؤلاء بهذا التفصيل الجمع بين الأحاديث المطلقة في التحريم أو الجواز لأن كلها صحيح لا يمكن رده، وبالجمع المذكور تجتمع الأدلة وإعمالها أحسن من إهمال بعضها مع صحتها وهو جمع مستقيم ليس فيه تكلف أو تعسف. قال الشنقيطي: أظهر الأقوال وأظهرها دليلاً هو القول المفصل بين ما صيد لأجل المحرم فلا يحل له وبين ما صاده الحلال لا لأجل المحرم، فإنه يحل له، والدليل على هذا أمران: الأول أن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن، لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ولا طريق للجمع إلا هذا الطريق ومن عدل عنها لا بد أن يلغي نصوصًا صريحة. الثاني حديث جابر الذي نحن في شرحه، قلت: وهو صريح في الفرق