للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

............................................................................................

ــ

والجمع المذكور، وظاهر في الدلالة لمذهب الجمهور. قال الشوكاني: هذا الحديث صريح في التفرقة بين أن يصيده المحرم أو يصيده غيره له، وبين أن لا يصيده المحرم ولا يصاد له بل يصيده الحلال لنفسه ويطعمه المحرم ومقيد لبقية الأحاديث المطلقة كحديث الصعب وطلحة وأبي قتادة ومخصص لعموم الآية المتقدمة يعني أنه يحمل ما جاء مطلقًا في بعض طرق حديث أبي قتادة ونحوه على أنه لم يقصدهم باصطياده، ويحمل حديث الصعب وما وافقه على أنه قصدهم باصطياده لأنه كان عالمًا بأنه يمر به فصاده لأجله، وتحمل الآية الكريمة على الاصطياد وعلى لحم ما صيد للمحرم للأحاديث المبينة من الآية، ويؤيد ذلك حديث أبي قتادة عند أحمد وابن ماجة وعبد الرزاق والدارقطني والبيهقي وابن خزيمة وفيه ((وذكرت أني لم أكن أحرمت وإني إنما اصطدته لك فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له)) وقد تقدم الكلام عليه. هذا وأجاب الحنفية عن حديث جابر بثلاثة أوجه: أحدها تأويله بحيث لا يخالف مذهبهم بل يوافقه، والثاني الكلام في سنده وإعلاله، والثالث ترجيح حديث أبي قتادة وتقديمه على حديث جابر أما التأويل فبوجوه وكلها مخدوشة باطلة لا يخفى بطلانها على المنصف فمنها ما قال صاحب الهداية والطحاوي أن معناه أن يصاد لكم بأمركم، وهذا لأن الغالب في عمل الإنسان لغيره أن يكون بطلب منه، ومنها ما قاله صاحب الهداية أيضًا أن اللام في أو يصاد لكم للملك، والمعنى أن يصاد ويجعل له فيكون تمليك عين الصيد من المحرم وهو ممتنع أن يتملكه فيأكل من لحمه، وقال القاري: وأبو حنيفة رحمه الله يحمله على أن يهدى إليكم الصيد دون اللحم انتهى. ويبطل هذا التأويل رواية الحديث بلفظ ((لحم الصيد لكم حلال)) إلخ. ومنها ما قيل: ((إن لكم)) بمعنى ((إعانتكم)) أو ((إشارتكم)) قال النبوري بعد ذكره: هذا تأويل محض لا يطمئن بمثله القلب. قلت: وهو نحو ما تقدم من تأويل صاحب الهداية والطحاوي. ومنها ما قيل: إن اللام ليس في معنى ((لأجلكم)) بل هي للتوكيل كما في قوله بعت له ثوبًا، واشتريت له لحمًا، وإذا احتمل كلا الوجهين لم يبق حجة في الحمل على الوجه الأول، وفيه أن الوجه الأول هو المتعين أعني أن اللام في ((لكم)) بمعنى لأجلكم لا للتوكيل يدل عليه رواية أبي قتادة عند أحمد وابن ماجة وغيرهما بلفظ ((ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له)) ويدل عليه أيضًا قول عثمان رضي الله عنه حين أبي من أكل لحم الصيد ((إني لست كهيئتكم، إنما صيد لأجلي)) ومنها ما قال بعضهم إن غرض الحديث كما قاله الجمهور، ولكن ليس الغرض المنع والحرمة وإنما الغرض الكراهة فقط، والنهي من قبيل سد الذرائع، كما أنه عليه الصلاة والسلام أخذ صيد أبي قتادة بيانًا للجواز ولم يأخذ صيد صعب بن جثامة لسد الزرائع، وفيه أن حمله على الكراهة فقط بعيد جدًا لأنه خلاف الظاهر ويبطله أيضًا رواية أبي قتادة عند أحمد وابن ماجة والحكم عليها بالوهم من غير دليل ليس مما يلتفت إليه، وأما الجواب عن حديث جابر بالكلام في سنده فهو أن في إسناد هذا الحديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن

<<  <  ج: ص:  >  >>