وجابر وابن عباس، وفيه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في الضبع يصيدها المحرم كبشًا. رواه أبو داود وابن ماجة. قال أحمد: حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع بكبش، وبه قال عطاء والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وقال الأوزاعي: إن كان العلماء بالشام يعدونها من السباع، ويكرهون أكلها، وهو القياس إلا أن إتباع السنة والآثار أولى. القسم الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع إلى قول عدلين من أهل الخبرة لقول الله تعالى {يحكم به ذوا عدل منكم} فيحكمان فيه بأشبه الأشياء به من النعم من حيث الخلقة لا من حيث القيمة بدليل أن قضاء الصحابة لم يكن بالمثل في القيمة - انتهى مختصرًا. وقال الشنقيطي: اعلم أن الصيد ينقسم إلى قسمين: قسم له مثل من النعم كبقرة الوحش، وقسم لا مثل له من النعم كالعصافير وجمهور العلماء يعتبرون المثلية بالمماثلة في الصورة والخلقة، وخالف أبو حنيفة الجمهور فقال: إن المماثلة معنوية وهي القيمة أي قيمة الصيد في المكان الذي قتله فيه أو أقرب موضع إليه إن كان لا يباع الصيد في موضع قتله فيشترى بتلك القيمة هديًا إن شاء أو يشتري بها طعامًا ويطعم المساكين. واحتج أبو حنيفة بأنه لو كان الشبه من طريق الخلقة والصورة معتبرًا في النعامة بدنة وفي الحمار بقرة وفي الظبي شاة لما أوقفه على عدلين يحكمان به لأن ذلك قد علم فلا يحتاج إلى الارتياء والنظر، وإنما يفتقر إلى العدلين والنظر ما تشكل الحال فيه ويختلف فيه وجه النظر. ودليل الجمهور على أن المراد بالمثل من النعم المشابهة للصيد في الخلقة والصورة منها قوله تعالى:{فجزاء مثل ما قتل من النعم} فالمثل يقتضي بظاهره المثل الخلقي الصوري دون المعنوي، ثم قال {من النعم} فصرح ببيان جنس المثل، ثم قال:{يحكم به ذوا عدل منكم} وضمير ((به)) راجع إلى ((المثل من النعم)) لأنه لم يتقدم ذكر لسواه حتى يرجع إليه الضمير، ثم قال ((هديًا بالغًا الكعبة)) والذي يتصور أن يكون هديًا مثل المقتول من النعم، فأما القيمة فلا يتصور أن تكون هديًا ولا جرى لها ذكر في نفس الآية، وادعاء أن المراد شراء الهدي بها بعيد من ظاهر الآية، فاتضح أن المراد مثل من النعم، وقوله ((لو كان الشبه الخلقي معتبرًا لما أوقفه على عدلين)) أجيب عنه بأن اعتبار العدلين إنما وجب بالنظر في حال الصيد من كبر وصغر وما لا جنس له مما له جنس، وإلحاق ما لم يقع عليه نص بما وقع عليه النص، قاله القرطبي. قال الشنقيطي: المراد بالمثلية في الآية التقريب وإذا فنوع المماثلة قد يكون خفيًا لا يطلع عليه إلا أهل المعرفة والفطنة التامة ككون الشاة مثلاً للحمامة لمشابهتها في عب الماء والهدير...... قال: والمثل من النعم له ثلاث حالات: الأولى أن يكون تقدم فيه حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، الثانية أن يكون تقدم فيه حكم من عدلين من الصحابة أوالتابعين مثلاً، الثالثة أن لا يكون تقدم فيه حكم منه - صلى الله عليه وسلم - ولا منهم رضي الله عنهم، فالذي حكم - صلى الله عليه وسلم - فيه لا يجوز لأحد الحكم فيه بغير ذلك كالضبع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قضى فيها بكبش، ثم ذكر حديث جابر الذي نحن في شرحه، ونقل تصحيحه عن البخاري وعبد الحق والبيهقي، ثم ذكر الاختلاف فيه بالوقف والإرسال، ثم قال: قضاءه - صلى الله عليه وسلم - في الضبع ثابت كما رأيت