تصحيح البخاري وعبد الحق له، وكذلك البيهقي والشافعي وغيرهم، والحديث إذا ثبت صحيحًا من وجه لا يقدح فيه الإرسال ولا الوقف من طريق أخرى كما هو الصحيح عند المحدثين، لأن الوصل والرفع من الزيادات وزيادة العدل مقبولة كما هو معروف. وأما إن تقدم فيه حكم من عدلين من الصحابة أو ممن بعدهم فقال بعض العلماء: يتبع حكمهم ولا حاجة إلى نظر عدلين وحكمهما من جديد لأن الله تعالى قال: {يحكم به ذوا عدل منكم} وقد حكما بأن هذا مثل لهذا، وقال بعض العلماء: لا بد من حكم عدلين من جديد، وممن قال به مالك. قال القرطبي: ولو اجتزأ بحكم الصحابة لكان حسنًا، وروي عن مالك أيضًا أنه يستأنف الحكم في كل صيد ما عدا حمام مكة وحمار الوحش والظبي والنعامة فيكتفي فيها بحكم من مضى من السلف، ثم ذكر الآثار في ذلك عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد وابن عباس وعثمان وعلى وزيد بن ثابت ومعاوية وابن مسعود وغيرهم. وقال الخطابي في المعالم (ج ٥: ص ٣١٤) : وفي الحديث دليل على أن المثل المجعول في الصيد إنما هو من طريق الخلقة دون القيمة ولو كان الأمر في ذلك موكولاً إلى الاجتهاد لأشبه أن يكون بدله مقدرًا، وفي ذلك ما دل على أن في الكبش وفاء لجزاءه كانت قيمته مثل قيمة المجزي أو لم تكن – انتهى. وقال الشوكاني: قوله ((ويجعل فيه كبش)) فيه دليل على أن الكبش مثل الضبع، وفيه أن المعتبر في المثلية بالتقريب في الصورة لا بالقيمة، ففي الضبع الكبش سواء كان مثله في القيمة أو أقل أو أكثر – انتهى (أيؤكل) كذا بالتذكير في جميع نسخ المشكاة، ووقع في المصابيح ((أتوكل؟)) بالتأنيث وهكذا في كتاب الأم (ج ٢: ص ١٦٤) وهو الأظهر، والذي في جامع الترمذي ((قلت: آكلها؟)) أي بصيغة المتكلم وكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى وفي مسند الإمام أحمد، قال (أي عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار) : سألت جابرًا فقلت: الضبع آكلها؟ قال نعم. قلت: أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: أسمعت ذاك من نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. وفيه دليل على أن الضبع حلال. قال الشوكاني: فيه دليل على جواز أكل الضبع وإليه ذهب الشافعي وأحمد، قال الشافعي: ما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير، ولأن العرب تستطيبه وتمدحه، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى تحريمه، واستدل لهم بما صح من تحريم كل ذي ناب من السباع، وبما سيأتي من حديث خزيمة بن جزء. قال الشوكاني: ويجاب عن الأول بأن حديث الباب يعني حديث جابر خاص فيقدم على حديث كل ذي ناب، ويجاب عن الثاني بأنه ضعيف أي لا يصلح للاحتجاج، لأن في إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق وهو متفق على ضعفه. وقال الخطابي في المعالم: إذا كان قد جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - صيدًا ورأى فيه الفداء فقد أباح أكله كالظباء والحمر الوحشية وغيرها من أنواع صيد البر، وإنما أسقط الفداء في قتل ما لا يؤكل فقال: خمس لا جناح على من قتلهن في الحل والحرم – الحديث. قال: وقد اختلف الناس في أكل الضبع فروي عن