سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، وروي عن ابن عباس إباحة أكل لحم الضبع، وأباح أكلها عطاء والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور، وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالك وروي ذلك عن سعيد بن المسيب، واحتجوا بأنها سبع وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع. قال الخطابي: وقد يقوم دليل الخصوص فينزع الشيء من الجملة وخبر جابر خاص، وخبر تحريم السباع عام – انتهى. وقال ابن رسلان: وقد قيل: إن الضبع ليس لها ناب وسمعت من يذكر أن جميع أسنانها عظم واحد كصفيحة نعل الفرس، فعلى هذا لا يدخل في عموم النهي – انتهى، كذا ذكره الشوكاني. وقال الخرقي: ولا بأس بأكل الضبع. قال ابن قدامة (ج ٨: ص ٦٠٤) : رويت الرخصة في الضبع عن سعد وابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعكرمة وإسحاق. وقال عروة: ما زالت العرب تأكل الضبع ولا ترى بأكلها بأسًا. وقال أبو حنيفة والثوري ومالك: هو حرام. وروى نحو ذلك عن سعيد بن المسيب لأنها من السباع، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع، وهي من السباع فتدخل في عموم النهي، ولنا ما روى جابر قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأكل الضبع، قلت: صيد هي؟ قال: نعم. احتج به أحمد، قال ابن عبد البر: هذا لا يعارض حديث النهي عن كل ذي ناب من السباع لأنه أقوى منه. قلنا: هذا تخصيص لا معارض، ولا يعتبر في التخصيص كون المخصص في رتبة المخصص بدليل تخصيص عموم الكتاب بأخبار الآحاد، ولأن الضبع قد قيل إنها ليس لها ناب وسمعت من يذكر أن جميع أسنانها عظم واحد كصفحة نعل الفرس، فعلى هذا لا تدخل في عموم النهي - انتهى، وقال الشنقيطي بعد ذكر كلام ابن عبد البر: للمخالف أن يقول: أحاديث النهي عامة في كل ذي ناب من السباع ودليل إباحة الضبع خاص ولا يتعارض عام وخاص لأن الخاص يقضي على العام فيخصص عمومه به كما هو مقرر في الأصول – انتهى، وقال الحافظ ابن القيم في الإعلام (ج ١: ص ١٩٢، طبعة الحجر) : أما الضبع فروى عنه فيها حديث صححه كثير من أهل العلم بالحديث فذهبوا إليه وجعلوه مخصصًا لعموم أحاديث التحريم كما خصصت العرايا لأحاديث المزابنة، وطائفة لم تصححه وحرموا الضبع لأنها من جملة ذات الأنياب، وقالوا: وقد تواترت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وصحت صحة لا مطعن فيها من حديث علي وابن عباس وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني، قالوا: وأما حديث الضبع فتفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار وأحاديث تحريم ذوات الأنياب كلها تخالفه، قالوا: ولفظ الحديث يحتمل معنين أحدهما أن يكون جابر رفع الأكل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن يكون إنما رفع إليه كونها صيدًا فقط ولا يلزم من كونها صيدًا جواز أكلها فظن جابر أن كونها صيدًا يدل على أكلها فأفتى به من قوله ورفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سمعه من كونها صيدًا، فروى الترمذي عن عبد الرحمن بن أبي عمار قال: قلت لجابر بن عبد الله: آكل الضبع؟ قال: نعم. قلت: أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: أسمعت ذلك من رسول