الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. وهذا يحتمل أن المرفوع منه هو كونها صيدًا، ويدل على ذلك أن جرير بن حازم قال عن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار عن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الضبع فقال: هي صيد وفيها كبش، قالوا: وكذلك حديث إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر يرفعه: الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه جزاء كبش مسن ويؤكل، قال الحاكم: حديث صحيح، وقوله ((ويؤكل)) يحتمل الوقف والرفع، وإذا احتمل ذلك لم يعارض به الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تبلغ مبلغ التواتر في التحريم، قالوا: ولو كان حديث جابر صريحًا في الإباحة لكان فردًا وأحاديث تحريم ذوات الأنياب مستفيضة متعددة ادعى الطحاوي وغيره تواترها فلا يقدم حديث جابر عليها، قالوا: والضبع من أخبث الحيوان وأشرهه وهو مغرى بأكل لحوم الناس ونبش قبور الأموات وإخراجهم وأكلهم ويأكل الجيف ويكسر بنابه، قالوا: والله سبحانه قد حرم علينا الخبائث وحرم رسول الله ذوات الأنياب والضب لا يخرج عن هذا وهذا، قالوا: وغاية حديث جابر يدل على أنها صيد يفدى في الإحرام ولا يلزم من ذلك أكلها، وقد قال بكر بن محمد: سئل أبو عبد الله يعني الإمام أحمد عن محرم قتل ثعلبًا فقال: عليه الجزاء، هي صيد ولكن لا يؤكل. وقال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد الله سئل عن الثعلب فقال: الثعلب سبع. فقد نص على أنه سبع وأنه يفدى في الإحرام، ولما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضبع كبشًا ظن جابر أنه يؤكل فأفتى به، والذين صححوا الحديث جعلوه مخصصًا لعموم تحريم ذي الناب من غير فرق بينهما حتى قالوا: ويحرم أكل كل ذي ناب من السباع إلا الضبع وهذا لا يقع مثله في الشريعة أن يخصص مثلاً على مثل من كل وجه من غير فرقان بينهما، وبحمد الله إلى ساعتي هذا ما رأيت في الشريعة مسألة واحدة كذلك أعني شريعة التنزيل لا شريعة التأويل، ومن تأمل ألفاظه - صلى الله عليه وسلم - الكريمة تبين له اندفاع هذا السؤال، فإنه إنما حرم ما اشتمل على الوصفين أن يكون له ناب وأن يكون من السباع العادية بطبعها كالأسد والذئب والنمر والفهد. وأما الضبع فإنما فيها أحد الوصفين وهو كونها ذات ناب وليست من السباع العادية، ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي بها شبهها، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد والنمر والفهد ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم، ولا تعد الضبع من السباع لغة وعرفًا – انتهى ما في الإعلام. قال شيخنا في شرح الترمذي (ج ٣: ص ٧٧) بعد ذكر كلام ابن القيم ما لفظه ((قلت: في أقوال المحرمين التي نقلها الحافظ ابن القيم خدشات، أما قولهم: إن حديث الضبع تفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار ففيه أنه ثقة ولم يتفرد به. قال الحافظ في التلخيص: وأعله ابن عبد البر (في التمهيد (ج ١: ص ١٥٢، ١٥٥) بعبد الرحمن بن أبي عمار فوهم لأنه وثقه أبو زرعة والنسائي ولم يتكلم فيه أحد، ثم إنه لم ينفرد به – انتهى. وقال في الفتح: وقد ورد في حل الضبع أحاديث لا بأس بها – انتهى، وأما قولهم: لفظ الحديث يحتمل معنين أحدهما