للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

ابن زيد قال: أهل رجل بعمرة يقال له عمر بن سعيد فلسع فبينا هو صريع إذ طلع عليه ركب فيهم ابن مسعود فسألوه فقال: ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمارة فإذا كان ذلك فليحل، وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس، وروى البخاري مثله عنه. وقال عروة: كل شيء حبس المحرم فهو إحصار، وما استدل به الخصم (الشافعي ومن وافقه) مجاب عنه، وأما الأول: فإنه يقال للمريض إذا زال مرضه وبرئ: أمن كما روى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس من طريق إبراهيم قال الآلوسي: فيضعف استدلال الشافعي ومالك بالآية على ما ذهبا إليه، وأما الثاني: فإنه لا عبرة بخصوص السبب والحمل على أنه للتأييد يأبى عنه ذكره باللام استقلالاً والقول بأن ((أحصرتم)) ليس عامًا إذا الفعل المثبت لا عموم له فلا يراد إلا ما ورد فيه وهو حبس العدو بالاتفاق ليس بشيء لأنه وإن لم يكن عامًا لكنه مطلق فيجري على إطلاقه، وأما الثالث: فلأنه بعد تسليم حجية قول ابن عباس في أمثال ذلك معارض بما أخرجه ابن جرير وابن المنذر عنه في تفسير الآية أنه قال: يقول من أحرم بحج أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه فعليه ذبح ما استيسر من الهدي فكما خصص في الرواية الأولى عمم في هذه، وهو أعلم بمواقع التنزيل، والقول ((بأن حديث الحجاج ضعيف)) ضعيف إذ له طرق مختلفة في السنن، وحمله على ما إذا اشترط المحرم الإحلال عند عروض المانع من المرض له وقت النية لقوله - صلى الله عليه وسلم - لضباعه: حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني. لا يتمشى على ما تقرر في أصول الحنفية من أن المطلق يجري على إطلاقه إلا إذا اتحد الحادثة والحكم وكان الإطلاق والتقييد في الحكم إذ ما نحن فيه ليس كذلك كما لا يخفى، انتهى كلام الآلوسي. وإن شئت مزيد البسط فيما أجاب به الحنفية عن الآية وقرروا به مذهبهم فارجع إلى شرح البخاري للقسطلاني والعيني والجوهر النقي للمارديني وأحكام القرآن لأبي بكر الرازي الجصاص وفتح القدير لابن الهمام، وقال الشنقيطي: اختلف العلماء في المراد بالإحصار في قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} (سورة البقرة: الآية ١٩٢) فقال قوم: هو صد العدو المحرم ومنعه إياه من الطواف بالبيت، وقال قوم: المراد به حبس المحرم بسبب مرض نحوه، وقال قوم: المراد به ما يشتمل الجميع من عدو ومرض ونحو ذلك، لكن قوله تعالى بعد هذا: {فإذا أمنتم} يشير إلى أن المراد بالإحصار هنا صد العدو للمحرم، لأن الأمن إذا أطلق في لغة العرب انصرف إلى الأمن من الخوف لا إلى الشفاء من المرض ونحو ذلك، ويؤيده أنه لم يذكر الشيء الذي منه الأمن، فدل على أن المراد به ما تقدم من الإحصار فثبت أنه الخوف من العدو، فما أجاب به بعض العلماء من أن الأمن يطلق على الأمن من المرض كما في حديث ((من سبق العاطس

<<  <  ج: ص:  >  >>