قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون)) رواه أبوداود والترمذي، إلا أنه ذكر فيه "ينامون" بدل "ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤسهم".
٣١٩- (١٩) وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الوضوء على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت
ــ
فأما من نام قاعداً ممكناً مقعده من الأرض ثم استيقظ ومقعده ممكن كما كان، فلا يبطل وضوؤه وهو قال الشافعي في الجديد. (ينتظرون العشاء) أي صلاتها بالجماعة فينامون جالسين. (حتى تخفق) أي تميل وتتحرك. (رؤسهم) من النوم من الخفوق وهو الاضطراب، وقيل المعنى: حتى تسقط أذقانهم على صدورهم. وتخفق بفتح التاء وكسر الفاء من ضرب. (ثم يصلون) بذلك الوضوء. (ولايتوضؤون) وضوءاً جديداً. (رواه أبوداود والترمذى) وقال حديث حسن صحيح. وأخرجه أيضاً الشافعي في الأمام، وأحمد، وصححه الدارقطني والنووي، وأصله في مسلم كما سيأتي. (إلا أنه) أي الترمذي. (ذكر فيه) أي في حديثه. (ينامون) أي قاعدين، ورواية الترمذي هذه موافقة لرواية مسلم، وكأن المصنف ذهل عن رواية مسلم حيث لم يتعرض لها. وحديث أنس هذا قد نزله أكثر الناس كالبغوي على نوم الجالس. ودفع هذا التأويل بأن في رواية أنس عند البزار وأبي يعلى "يضعون جنوبهم". قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح، لكن رواه أحمد بن حنبل عن يحيى القطان بسنده، والترمذي عن بندار عنه بدون هذه الزيادة، وقيل: يحمل على النوم الخفيف، فإن وضع الجنب لا يستلزم النوم الكثير المستغرق، وكذا الغطيط والإيقاظ، فإنه قد يغط من هو في مبادئ نومه قبل إستغرافه، وكذا الإيقاظ قد يكون لمن هو في مبادئ النوم، فينبه لئلا يستغرقه. وبالجملة حديث أنس هذا يدل على أن يسير النوم لا ينقض الوضوء.
٣١٩- قوله:(إن الوضوء) أي وجوبه. (على من نام مضطجعاً) كذا في جميع النسخ للمشكاة بلفظ "إن الوضوء" الخ. وكذا وقع في المصابيح، ورواه الترمذي بلفظ "إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً"، وأبوداود بلفظ "إنما الوضوء على من نام مضطجعاً"، وفي كلتا الروايتين القصر على أنه لا ينقض الوضوء إلا نوم المضطجع لا غير ولو إستغرقه النوم، بخلاف اللفظ الذي ذكره المصنف عن المصابيح، فإنه لا يدل على القصر، فالجمع بين حديث ابن عباس هذا على ما رواه الترمذي وأبوداود، وبين حديث أنس عند البزار وأبي يعلى وغيرهما بلفظ "يضعون جنوبهم" إن ثبتت هذه الزيادة: أن حديث ابن عباس خرج على الأغلب، فإن الأغلب على من أراد النوم الاضطجاع، فلا معارضة. وقال. الزرقاني: هذا ونحوه محمول عند مالك على ما إذا كان النوم ثقيلاً-انتهى. (فإنه إذا اضطجع استرخت) أي فترت