وضعفت ولانت. (مفاصله) جمع مفصل، وهو رؤس العظام والعروق، يعنى أن الاضطجاع سبب لاسترخاء المفاصل فلا يخلو عن خروج شيء من الريح عادة، أي هو من عادة النائم المضطجع، والثابت بالعادة كالمتيقن به. واعلم أنه اختلف الناس في انتقاض الوضوء بالنوم على أقوال ثمانية، ذكرها النووي في شرح مسلم، وتبعه غيره، وهذه الأقوال ترجع إلى ثلاثة: الأول أن النوم ينقض الوضوء مطلقاً على كل حال قليلة وكثيرة. والثاني أنه لا ينقض مطلقاً. والثالث الفرق بين قليل النوم وكثيرة، وهو قول فقهاء الأمصار، والصحابة الكبار، والتابعين، وهو قول الأئمة الأربعة، وهذا هو الحق، فالنوم ليس بحدث أي ليس بناقض للوضوء بنفسه، بل لأنه سبب لاسترخاء المفاصل الداعي للخروج عادة. ثم اختلف هؤلاء في بيان قدر القليل والكثير، وتحديد النوم المعتبر في نقض الوضوء، وتعيين المقدار الذي يكون سبباً لاسترخاء المفاصل، ولا يبقى فيه الشعور والإحساس ويغلب فيه العقل، على أقوال كثيرة ليس هذا محل بسطها، إن شئت الوقوف عليها فارجع إلى شرح مسلم للنووي، وشرح الترمذي لابن العربي، والمغني لابن قدمة المقدسي. والراجح عندي: أن النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدارك ناقض سواء كان من المضطجع والمستلقي أو غيرهما، فالاستغراق والغلبة على العقل هو الملاك عندي، فإذا حصل ذلك انتقض الوضوء على أي هيئة كان النائم، ولا يقصر الحكم على هيئة الاضطجاع كما يدل عليه حديث ابن عباس، فإنه ضعيف، ولا ينتقض الوضوء بنوم المضطجع إن كان النوم غير مستغرق. (رواه الترمذي وأبوداود) كلاهما من طريق يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، ولم يحكم الترمذي عليه بشيء من الصحة والضعف إلا قوله "إن سعيد بن أبي عروبة رواه عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس قوله " ولم يذكر فيه أبالعالية، ولم يرفعه، وهو حديث ضعيف، ضعفه الترمذي في العلل المفرد، والبخاري وأحمد بن حنبل والدارقطني والمنذري والبيهقي وأبوداود والبغوي وغيرهم. قال أبوداود: قوله "الوضوء على من نام مضطجعاً" هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد أبوخالد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال يعني ابن عباس، أو الراوي عنه: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظاً. وقالت عائشة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عيناي ولا ينام قلبي. وقال شعبة: إنما سمع قتادة عن أبي العالية أربعة أحاديث، يعنى وليس منها حديث يزيد أبي خالد الدالاني فيكون منطقعاً. قال أبوداود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ولم يعبأ بالحديث؟ وقال البيهقي: تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبد الرحمن أبوخالد الدالاني. قال الترمذي يعنى في العلل المفرد: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء. ورواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة، وقال المنذري: قال أبوالقاسم البغوي: يقال إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية. وقال الدارقطني: تفرد به يزيد الدالاني عن قتادة ولا يصح. وذكر ابن حبان أن يزيد الدالاني كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يخالف الثقات في