إن حبس أحدكم عن الحج، طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلاً، فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا.
ــ
ليس، و ((سنة رسول الله)) منصوب على أنه خبر ليس، والجملة الشرطية وهي قوله ((إن حبس، إلخ)) تفسير للسنة فمحلها النصب أو الرفع خبر مبتدأ محذوف أي هي. وقال عياض: ضبطنا سنة بالنصب على الاختصاص أو على إضمار فعل أي تمسكوا ونحوه، وقال السهيلي: من نصب سنة فهو بإضمار الأمر كأنه قال: الزموا سنة نبيكم، ويمكن أن يقال أن يكون خبر ليس ((طاف بالبيت)) على قول عياض والسهيلي. قال العيني: خبر ليس على وجه نصب سنة على قول عياض والسهيلي قوله ((طاف بالبيت)) وهو أيضًا سد مسد جواب الشرط. قال الطبري: قوله ((حسبكم سنة نبيكم)) فيه إشعار بالتسوية بين حصر العدو والمرض، فإن معنى قوله حسبكم سنة نبيكم أي في جواز التحلل بهذا العذر دون اشتراط وأشار ابن عمر بإنكار الاشتراط إلى ما كان يفتي به ابن عباس من جواز الاشتراط، قال البيهقي: لو بلغ ابن عمر حديث ضباعه في الاشتراط لقال به، وسيأتي الكلام في مسألة الاشتراط مفصلاً إن شاء الله (إن حبس) بصيغة المجهول أي منع (أحدكم عن الحج) أي عن ركنه الأعظم وهو الوقوف بعرفة (طاف بالبيت) أي إذا أمكنه ذلك، فقد وقع في رواية عبد الرزاق ((إن حبس أحدًا منكم حابس عن البيت فإذا وصل إليه طاف به)) الحديث (وبالصفا والمروة) أي طاف بهما، أي سعى بينهما (ثم حل) أي بالحلق والذبح (من كل شيء) حرم عليه بالإحرام (حتى يحج عامًا قابلاً) عامًا ظرف وقابلاً صفة (فيهدي) أي يذبح شاة، إذ التحلل لا يحصل إلا بنية التحلل والذبح والحلق، قاله الكرماني (أو يصوم إن لم يجد هديًا) حيث شاء، واستدل بقوله ((حتى يحج عامًا قابلاً)) على وجوب الحج من القابل على من أحصر، وقد اختلف العلماء في أنه هل يجب على المحصر القضاء أم لا فأوجب الحنفية القضاء ولم يوجب الشافعية والمالكية، وعن أحمد روايتان، قالوا: فإن كان حج فرض بقى وجوبه على حاله؛ قال ابن قدامة في الشرح الكبير: في وجوب القضاء على المحصور روايتان، إحداهما لا قضاء عليه إلا أن يكون واجبًا، فيفعله بالوجوب السابق، هذا هو الصحيح من المذهب وبه قال مالك والشافعي، والثانية عليه القضاء روي ذلك عن عكرمة ومجاهد والشعبي، وبه قال أبو حنيفة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما تحلل زمن الحديبية قضى من قابل وسميت عمرة القضية، ولأنه حل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه القضاء كما لو فاته، ووجه الرواية الأولى أنه تطوع جاز التحلل منه، وأما الخبر فإن الذين صدوا كانوا ألفًا وأربعمائة، والذين اعتمروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يسيرًا، ولم ينقل إلينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا بالقضاء وأما تسميتها عمرة القضية فإنما يعني بها القضية التي اصطلحوا عليها، ولو أرادوا غير ذلك لقالوا: عمرة القضاء - انتهى. ويشير بذلك إلى أن تسميتها بعمرة القضاء إنما كان من بعض الصحابة ومن أصحاب المغازي والسير لا من عامة الصحابة، وأما ما ذكره