للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال لها: " لعلك أردت الحج؟ " قالت: والله ما أجدني إلا وجعة. فقال لها: " حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني ".

ــ

ذلك من خصائصه، فهو في ذلك كغيره في التحريم (فقال لها) أي وهي في المدينة (لعلك أردت الحج) أي معنا، وهذا لفظ البخاري، وفي رواية لمسلم ((أردت الحج)) أي بدون لفظ ((لعلك)) وفي أخرى له أيضًا ((قالت: إني أريد الحج)) وقد يقتضي ظاهر هذه الرواية أنها قالت له ذلك ابتداء، ولا منافاة، فقد تكون إنما قالت: إني أريد الحج، في جواب استفهامه لها، وليس اللفظ صريحًا في أنها قالت ذلك ابتداء، وكذا قوله في رواية ابن ماجة من حديث ضباعة أنه عليه الصلاة والسلام قال لها: أما تريدين الحج العام؟ ومن رواية أسماء أو سعدى عند ابن ماجة أيضًا ((ما يمنعك من الحج؟)) كل ذلك يقتضي أن كلامها كان جوابًا لسؤاله لكن في حديث ابن عباس عند مسلم وأصحاب السنن الأربعة أن ضباعة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت، وهذا قد ينافي قوله في حديث عائشة: دخل على ضباعة. وقد يجمع بينهما بأنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن إذ ذاك في منزله، ثم جاء فدخل عليها وهي في منزله، وفي حديث ابن عباس عند أبي داود والترمذي أنها قالت له: إني أريد الحج فأشترط؟ فقال لها: نعم. وهذا يقتضي أن أمره بالاشتراط ما كان إلا بعد استئذانها (قالت: والله ما أجدني) أي ما أجد نفسي، واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب. وفي الحديث جواز اليمين في درج الكلام بغير قصد (إلا وجعة) بفتح الواو وكسر الجيم، وهو من الصفات المشبهة، أي إني ذات وجع أي مرض، وفي رواية لمسلم ((وأنا شاكية)) بالشين المعجمة أي مريضة، والشكوى والشكو والشكاية المرض، وفي حديث ابن عباس عند مسلم ((إني امرأة ثقيلة)) أي أثقلها المرض (فقال لها: حجي) أي أحرمي بالحج (واشترطي وقولي) عطف تفسيري (اللهم محلي) بفتح الميم وكسر الحاء أي محل خروجي من الحج وموضع تحللي من الإحرام أو وقت تحللي من الإحرام، والمحل يقع على المكان والزمان (حيث حبستني) أي منعتني من السير بسبب ثقل المرض. قال العيني: أي إنك حيث عجزت عن الإتيان بالمناسك وانحبست عنها بسبب قوة المرض تحللت، وقولي: اللهم مكان تحللي عن الإحرام مكان حبستني فيه عن النسك لعلة المرض. وقال القاري: قال بعض علمائنا قوله ((قولي: اللهم محلي)) إلخ، تفسير الاشتراط يعني اشترطي أن أخرج من الإحرام حيث مرضت وعجزت عن إتمام الحج، فمن لم ير الإحصار بالمرض يستدل بهذا الحديث بأن يقول لو كان المرض ينتج التحلل لم يأمرها بالاشتراط لعدم الإفادة، وإليه ذهب الشافعي ومن وافقه، ومن يرى الإحصار بالمرض، وهو مذهب أبي حنيفة يستدل بحديث الحجاج بن عمرو الأنصاري الآتي - انتهى. قلت: حديث عائشة يدل على جواز الاشتراط في الحج خوفًا من حدوث طارئ يطرأ عليه أثناء الحج من مرض أو نحوه، وأن من اشترط الاشتراط المذكور في إحرامه

<<  <  ج: ص:  >  >>