للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

إلا إحلال، وقد قال الشافعية إن اشتراط التحلل بذلك فلا يحل إلا بالتحلل، وإن قال: إذا مرضت فأنا حلال فهل يحتاج في هذه الصورة إلى تحلل أو يصير حلالاً بنفس المرض، فيه للشافعية وجهان، الذي نص عليه الشافعي أنه يصير حلالاً بنفس المرض، ودلالة الحديث محتملة، فإن قوله ((فإن محلي)) يحتمل أن يكون موضع حلي، ويحتمل أن يكون معناه، موضع إحلالي، قال الولي العراقي: والحديث ورد في الحج، والعمرة في معناه، فلو أحرم بعمر فشرط التحلل منها عند المرض كان كذلك. ولا خلاف في هذا بين المجوزين للاشتراط فيما أعلم، ولعل العمرة داخلة في قوله في رواية النسائي من حديث ابن عباس ((فإن لك على ربك ما استثنيت)) قال: والمراد بالتحلل أن يصير نفسه حلالاً فلو شرط أن يقلب حجه عمرة عند المرض فذكر أصحابنا أنه أولى بالصحة من شرط التحلل ونص عليه الشافعي، وإذا جاز إبطال العبادة للعجز فنقلها إلى عبادة أخرى أولى بالجواز – انتهى. واعلم أن سبب الحديث إنما هو في التحلل بالمرض لكن قوله ((حبستني)) يصدق بالحبس بالمرض وبغيره من الأعذار كذهاب النفقة وفراغها وضلال الطريق والخطأ في العدد وقد صرح الشافعية والحنابلة بأن هذه الأعذار كالمرض في جواز شرط التحلل بها، وظاهر الحديث أنه لا يجب عليه عند التحلل بالشرط دم، إذ لو وجب لذكره، فإنه وقت الاحتياج إليه، وبهذا صرح الحنابلة والظاهرية، وهو الأصح عند الشافعية، ومحل الخلاف عندهم في حالة الإطلاق، فلو شرط التحلل بالهدي لزمه قطعًا، وإن شرطه بلا هدي لم يلزمه قطعًا، قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٢٨٢) : يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط عند إحرامه فيقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ويفيد هذا الشرط شيئين أحدهما أنه إذا عاقه من عدو أو مرض أو ذهاب نفقة ونحوه أن له التحلل، والثاني أنه متى حل بذلك فلا دم عليه ولا صوم – انتهى. وفي شرح الإقناع: لا يسقط عنه الدم إذا شرط عند الإحرام أنه يتحلل إذا أحصر، بخلاف ما إذا شرط في المرض أنه يتحلل بلا هدي فإنه لا يلزمه، لأن حصر العدو لا يفتقر إلى شرط، أي التحلل بالإحصار جائز بلا شرط، فالشرط فيه لاغ ولو أطلق في التحلل من المرض بأن لم يشترط هديًا لم يلزمه شيء بخلاف ما إذا شرط التحلل بالهدي فإنه يلزمه قال البجيرمي: حاصله أن المرض ونحوه لا يبيح التحلل بدون شرط، أما إذا شرطه جاز التحلل به وأما الدم فإن شرط التحلل به فلا بد منه أيضًا، فإن سكت عنه أو نفاه فلا يجب – انتهى. قال الولي العراقي: واستدل بالحديث الجمهور على أنه لا يجوز التحلل بالإحصار بالمرض من غير شرط، إذ لو جاز التحلل به لم يكن لاشتراطه معنى قال: وظاهر الحديث أنه لا قضاء عند التحلل بالمرض بالشرط وبه صرح أصحابنا وغيرهم، ويعود فيه قول من قال بوجوب القضاء عند الإطلاق على ما تقدم بيانه، والمفهوم من لفظ الشرط أنه لا بد من مقارنته للإحرام فإنه متى سبقه أو تأخر عنه لم يكن شرطًا، وقد صرح بذلك في قوله في حديث ابن عباس: اشترطي عند إحرامك، وهو بهذا اللفظ في مصنف ابن أبي شيبة، وقد صرح بها المارودي وغيره

<<  <  ج: ص:  >  >>