للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

............................................................................................

ــ

ثم قال الولي العراقي: فمن قال بالجواز تمسك بهذا الحديث ورأى أن الأمر به ترخيص وتوسعة وتخفيف ورفق وأنه يتعلق بمصلحة دنيوية، وهي ما يحصل لها من المشقة بمصابرة الإحرام مع المرض، ومن قال بالاستحباب رأى المصلحة فيه دينية، وهو الاحتياط للعبادة، فإنها بتقدير عدمه قد يعرض لها من مرض يشعث العبادة ويوقع فيها الخلل، وهذا بعيد، ومن قال بالوجوب حمل الأمر على حقيقته، وهو أبعد من الذي قبله، ولو كان واجبًا لما أخل النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولا الصحابة، ولو فعلوا ذلك في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - لنقل، وقد صرح ابن عمر بأنه لم يشترط كما تقدم ذكره، ولما لم يأمر به إلا هذا المرأة الواحدة بعد شكايتها له علمنا أن ذلك ترخيص حرك ذكره هذا السبب وهو شكواها، ومن قال بالإنكار منهم من ضعف الحديث كما سيأتي ذكره ورده، ومنهم من أوله وفي تأويله أوجه: أحدها أنه خاص بضباعة، حكاه الخطابي عن بعضهم. قال: وقال يشبه أن يكون بها مرض أو حال كان غالب ظنها أنها تعوقها عن إتمام الحج فأذن لها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاشتراط كما أذن لأصحابه في رفض الحج، وليس ذلك لغيرهم، وقال النووي في شرح مسلم بعد ذكره هذا المذهب: وحملوا الحديث على أنها قضية عين وأنه مخصوص بضباعة، وحكاه في شرح المهذب عن الرؤياني من أصحابنا الشافعية، ثم قال: وهذا تأويل باطل ومخالف لنص الشافعي، فإنه إنما قال: لو صح الحديث لم أعده ولم يتأوله ولم يخصه. الثاني أن معناه: حيث حبستني بالموت أي إذا أدركتني الوفاة انقطع إحرامي، حكاه النووي في شرح المهذب عن إمام الحرمين، ثم قال: وهذا تأويل ظاهر الفساد، وعجبت من جلالة الإمام كيف قاله، الثالث أن المراد التحلل بعمرة لا مطلقًا حكاه المحب الطبري عن بعضهم، ويرده حديث ضباعة عند ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في سننه من رواية يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنها قالت، قلت: يا رسول الله إني أريد الحج فكيف أهل بالحج، قال، قولي: اللهم إني أهل بالحج إن أذنت له به وأعنتني عليه ويسرته لي، وإن حبستني فعمرة، وإن حبستني عنهما جميعًا فمحلي حيث حبستني، فإن فيه التصريح بالتحلل المطلق عن الحج والعمرة معًا. وحكى ابن حزم عن بعضهم: أن هذا الحديث مخالف لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} ولقوله تعالى {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} وعن بعضهم أن هذا الخبر رواه عروة وعطاء وسعيد بن جبير وطاوس، وروى عنهم خلافه يعني فهذا مما يوهن الاشتراط، ثم قال ابن حزم: سمعناكم تعتلون بهذا في الصاحب فعديتموه إلى التابع وإن درجتموه بلغ إلينا وإلى من بعدنا فصار كل من بلغه حديث فتركه حجة في رده، ولئن خالف هؤلاء ما رووا فقد رواه غيرهم ولم يخالفه، وأطنب ابن حزم في رد هذه المقالات، وهي حقيقة بذلك، والظن بمن يعتمد عليه ممن خالف هذا الحديث أنه لم يبلغه. قال البيهقي: عندي أن ابن عمر لو بلغه حديث ضباعة في الاشتراط لم ينكره كما لم ينكره أبوه - انتهى. واستدل بالحديث على أن المشترط لذلك يحل بمجرد المرض والعجز ولا يحتاج

<<  <  ج: ص:  >  >>