رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والدارمي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ــ
ندبًا والأصح أنه سنة على القول به كما جزم به النووي، وأن ما قبل الزوال من يوم عرفة ليس وقتًا للوقوف عند جماهير العلماء خلافًا لأحمد وقد رأيت أدلة الجميع. قال الشنقيطي: أما من اقتصر في وقوفه على الليل دون النهار أو النهار من بعد الزوال دون الليل فأظهر الأقوال فيه دليلاً عدم لزوم الدم، أما المقتصر على الليل فلحديث عبد الرحمن بن يعمر فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - فيه ((فقد تم حجه)) مرتبًا ذلك على إتيانه عرفة قبل طلوع فجر يوم النحر نص صريح في أن المقتصر على الوقوف ليلاً حجة تام، وظاهر التعبير بلفظ التمام عدم لزوم الدم، ولم يثبت ما يعارضه من صريح الكتاب أو السنة، وعلى هذا جمهور أهل العلم خلافًا للمالكية، وأما المقتصر على النهار دون الليل فلحديث عروة بن مضرس فإن فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ((وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه)) فقوله ((فقد تم حجه)) مرتبًا له بالفاء على وقوفه بعرفة ليلاً أو نهارًا يدل على أن الواقف نهارًا يتم حجه بذلك والتعبير بلفظ التمام ظاهر في عدم لزوم الجبر بالدم ولم يثبت نقل صريح في معارضة ظاهر هذا الحدث، وعدم لزوم الدم للمقتصر على النهار، هو الصحيح من مذهب الشافعي لدلالة هذا الحديث على ذلك كما ترى، وأما الإكتفاء بالوقوف يوم عرفة قبل الزوال فقد قدمنا أن ظاهر حديث ابن مضرس المذكور يدل عليه لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - ((أو نهارًا)) صادق بأول النهار وآخره كما ذهب إليه أحمد، ولكن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه من بعده كالتفسير للمراد بالنهار في الحديث المذكور وأنه بعد الزوال، وكلاهما له وجه من النظر، ولا شك أن عدم الاقتصار على أول النهار أحوط، والعلم عند الله تعالى. وحجة مالك في أن الوقوف نهارًا لا يجزئ إلا إذا وقف معه جزءًا من الليل هي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كذلك وقال:" لتأخذوا عني مناسككم ". فيلزمنا أن نأخذ عنه من مناسكنا الجمع في الوقوف بين الليل والنهار، ولا يخفى أن هذا لا ينبغي أن يعارض به الحديث الصريح في محل النزاع الذي فيه ((وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه)) كما ترى – انتهى كلام الشنقيطي مختصرًا بقدر الضرورة. (رواه الترمذي) إلخ، وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٤: ص ٣٠٩، ٣١٠، ٣٣٥) والحميدي (ج ٢: ص ٣٩٩) وأبو داود الطيالسي وابن حبان والحاكم (ج ١: ص ٤٦٤) وقال: حديث صحيح الإسناد كما في نصب الراية، وقال الذهبي: صحيح. والبزار والبيهقي (ج ٥: ص ١١٦) والدارقطني (ص ٢٦٤) وابن الجارود - صلى الله عليه وسلم - (١٦٥)(وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) كذا في جميع نسخ المشكاة، وإني لم أجد كلام الترمذي هذا في جامع الترمذي ولا ذكره الزيلعي في نصب الراية (ج ٣: ص ٩٢) والحافظ في التلخيص (ص ٢١٦) والمنذري في مختصر السنن (ج ٢: ص ٤٠٨، ٤٠٩) والمناوي في كشف المناهج وفيض القدير، ولا ذكره المجد في المنتقى والشوكاني في النيل، بل سكتوا كلهم كما سكت عليه أبو داود، فهو حديث صالح قابل للاحتجاج عندهم. وقال النووي