الحرم الشوك، فلما حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع شجرها والشوك غالبه كان ظاهرًا في تحريمه قال: ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش لأنه بمنزلة الميت، ولا يقطع ما انكسر ولم يبن، لأنه قد تلف فهو بمنزلة الظفر المنكسر، ولا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان وانقلع من الشجر بغير فعل آدمي ولا ما سقط من الورق، نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافًا، لأن الخبر إنما ورد في القطع وهذا لم يقطع، قال: وليس له أخذ ورق الشجر، وقال الشافعي: له أخذه لأنه لا يضر به، وكان عطاء يرخص في أخذ ورق السنا يستمشي به ولا ينزع من أصله، ورخص فيه عمرو بن دينار، ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يخبط شوكها ولا يعضد شجرها، رواه مسلم. ولأن ما حرم أخذه حرم كل شيء منه كريش الطائر، وقولهم ((لا يضر به)) لا يصح فإنه يضعفها وربما آل إلى تلفها. قال: ويحرم قطع حشيش الحرم إلا ما استثناه الشرع من الإذخر وما أنبته الآدميون واليابس لقوله عليه السلام: لا يختلى خلاها، وفي لفظ ((لا يحتش حشيشها)) وفي استثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - الإذخر دليل على تحريم ما عداه. وفي جواز رعيه وجهان: أحدهما لا يجوز، وهو مذهب أبي حنيفة، لأن ما حرم إتلافه لم يجز أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد. والثاني يجوز، وهو مذهب عطاء والشافعي، لأن الهدي كانت تدخل الحرم فتكثر فيه ولم ينقل أنه كانت تسد أفواهها، ولأن بهم حاجة إلى ذلك أشبه قطع الإذخر. قال: ويباح أخذ الكمأة من الحرم وكذلك الفقع لأنه لا أصل له فأشبه الثمرة، وروى حنبل قال: يؤكل من شجر الحرم الضغابيس والعشرق وما سقط من الشجر وما أنبت الناس – انتهى. وقال في الروض المربع: يحرم قطع شجر الحرم وحشيشه الأخضرين الذين لم يزرعهما آدمي ويجوز قطع اليابس والثمرة وما زرعه الآدمي والكمأة والفقع والإذخر ويباح الانتفاع بما زال أو انكسر بغير فعل آدمي ولو لم يبن، ويضمن حشيش وورق بقيمته وغصن بما نقص – انتهى. وفي نيل المآرب: يحرم قطع شجره حتى ما فيه مضرة كعوسج وشوك وسواك ونحوه إلا اليابس – انتهى. قال ابن قدامة: ويجب في إتلاف الشجر والحشيش الضمان. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن ابن عباس وعطاء وقال مالك وأبو ثور وداود وابن المنذر: لا يضمن لأن المحرم لا يضمنه في الحل فلا يضمن في الحرم كالزرع. وقال ابن المنذر: لا أجد دليلاً أوجب به في شجر الحرم فرضًا من كتاب ولا سنة ولا إجماع، وأقول كما قال مالك. نستغفر الله تعالى، ولنا ما روى أبو هشيمة قال: رأيت عمر بن الخطاب أمر بشجر كان في المسجد يضر بأهل الطواف فقطع وفدى. قال: وذكر البقرة. رواه حنبل في المناسك، وعن ابن عباس أنه قال في الدوحة: بقرة، وفي الجزلة شاة، والدوحة الشجرة العظيمة والجزلة الصغيرة، وعن عطاء نحوه. ولأنه ممنوع من إتلافه لحرمة الحرم فكان مضمونًا كالصيد، ويخالف المحرم فإنه لا يمنع من قطع شجر الحل ولا زرع الحرم، إذا ثبت هذا فإنه يضمن الشجرة الكبيرة ببقرة والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته والغصن بما نقص، وبهذا قال الشافعي، وقال أصحاب الرأي يضمن الكل بقيمته