بالشجر ولا يجوز رعي الحشيش في قول أبي حنيفة ومحمد وأحمد، وقال أبو يوسف ومالك والشافعي: لا بأس به ولو ارتعت دابته حالة المشي لا شيء عليه لوقوع رعيها من غير اختياره، وهذا مما اتفق عليه – انتهى. وزاد في الغنية: يحل قطع الشجر المثمر (أي وإن لم يكن من جنس ما ينبته الناس) لأن إثماره أقيم مقام إنبات الناس – انتهى. وفي رد المحتار: ولا يرعى حشيشه أي عندهما، وجوزه أبو يوسف للضرورة، فإن منع الدواب عنه متعذر، وتمامه في الهداية ونقل بعض المحشين عن البرهان تأييد قوله بما حاصله أن الاحتياج للرعي فوق الاحتياج للإذخر، وأقرب حد الحرم فوق أربعة أميال ففي خروج الرعاة إليه ثم عودهم قد لا يبقي من النهار وقت تشبع فيه الدواب، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها)) وسكوته عن نفي الرعي إشارة لجوازه وإلا لبينه ولا مساواة بينهما ليلحق به دلالة، إذ القطع فعل العاقل، والرعي فعل العجماء وهو جبار وعليه عمل الناس وليس في النص دلالة على نفي الرعي ليلزم من اعتبار الضرورة معارضته بخلاف الاحتشاش – انتهى. قال ابن عابدين: لكن في قوله ((والرعي فعل العجماء)) نظر لأنها لو ارتعت بنفسها لا شيء عليه اتفاقًا، وإنما الخلاف في إرسالها للرعي وهو مضاف إليه – انتهى. وفي الهداية: إن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما لا ينبته الناس (كشجر أم غيلان والأثل) فعليه قيمته إلا فيما جف منه لأن حرمتهما تثبت بسبب الحرم. قال عليه السلام: لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها، ولا يكون للصوم في هذه القيمة مدخل (فلا يكفي في الجزاء الصوم) لأن حرمة تناولها بسبب الحرم لا بسبب الإحرام فكان من ضمان المحال على ما بينا من أن الصوم يصلح جزاء للأفعال لا ضمان المحال ويتصدق بقيمته على الفقراء – انتهى. هذا وقد ظهر بما ذكرنا من عبارات كتب الفروع أن ها هنا عدة مسائل اتفق الفقهاء على بعضها واختلفوا في البعض الآخر، فمنها أنهم اختلفوا في مصداق المنهي عنه من الشجر وتمييزه من غيره، فقال مالك كما ذكر الدردير: يحرم قطع ما ينبت جنسه بنفسه ولو استنبته أحد نظرًا لجنسه. وقالت الحنفية: يحرم ما ينبت بنفسه وهو من جنس ما لا ينبته الناس عادة. وقال أحمد: يحرم قطع ما لم يزرعه آدمي من الشجر والحشيش، ويباح ما زرعه الآدمي وأنبته، وقالت الشافعية: يحرم قطع شجر الحرم وحشيشه أي الذي ليس من شأنه أن يستنبت مطلقًا أي سواء أنبته الآدميون أو نبت بنفسه إلا الذي من شأنه أن يستنبت، وإن نبت بنفسه كالبقول والخضراوات والحنطة والشعير ومنها أنهم أجمعوا على أن ما زرعه الآدمي وأنبته من البقول والزروع والرياحين يجوز قطعه ولا اختلاف في ذلك كما ذكره ابن قدامة وغيره، ومنها أنه لا فرق بين الأخضر واليابس عند مالك كما في المدونة والدسوقي خلافًا للأئمة الثلاثة، إذا أباحوا قطع اليابس كما صرح به ابن قدامة والنووي وابن عابدين وغيرهم، ومنها أن الشوك وغيره سواء في الحرمة عند مالك وأحمد كما في المغني ويجوز قطعه عند الشافعي والقاضي وأبي الخطاب من الحنابلة، ويحرم قطعه بلا ضمان عند