لمخالفة ما هو أصح منه (وعلى رأسه المغفر) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء آخره راء ويقال له مغفرة بزيادة هاء التأنيث آخره، وهو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، حكاه في الصحاح عن الأصمعي، وصدر به صاحب المحكم كلامه، ثم قال: وقيل: هو رفرف البيضة، وقيل: وهو حلق يتقنع به المتسلح وقال في المشارق: هو ما يجعل من فضل درع الحديد على الرأس مثل القلنسوة والخمار، وقال في التمهيد: هو ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها من حديد كان أو غيره، قال الحافظ في الحج: وفي رواية زيد بن الحباب عن مالك (عن ابن شهاب عن أنس) : وعليه مغفر من حديد. أخرجه الدارقطني في الغرائب والحاكم في الإكليل، وكذا هو في رواية أبي أويس (عن ابن شهاب عند ابن سعد وابن عدي) وقال في المغازي: في رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن يحيى بن بكير عن مالك ((مغفر من حديد)) قال الدارقطني: تفرد به أبو عبيد، وهو في الموطأ ليحيى بن بكير مثل الجماعة. ورواه عن مالك جماعة من أصحابه خارج الموطأ بلفظ ((مغفر من حديد) ثم ساقه من رواية عشرة عن مالك كذلك، وكذلك هو عند ابن عدي من رواية أبي أويس عن ابن شهاب، وعند الدارقطني من رواية شبابة بن سوار عن مالك – انتهى. واعلم أنه لا معارضة بين حديث أنس هذا وبين حديث جابر الآتي أنه دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء، لإمكان أن المغفر فوق العمامة وهي تحته وقاية لرأسه من صدء الحديد، أو كانت العمامة السوداء ملفوفة فوق المغفر، ويحتمل أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر ثم بعد ذلك كان على رأسه العمامة بعد إزالة المغفر بدليل قوله في حديث عمرو بن حريث عند مسلم: خطب الناس وعليه عمامة سوداء، لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعد تمام فتح مكة. قال الزرقاني بعد ذكر هذه الوجوه: فزعم الحاكم في الإكليل تعارض الحديثين متعقب بأنه إنما يتحقق التعارض إذا لم يمكن الجمع وقد أمكن ها هنا بوجوه حسان. وقال الحافظ زعم الحاكم في الإكليل أن بين حديث أنس وبين حديث جابر معارضة وتعقبوه باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك فحكى كل منها ما رآه، ويؤيده أن في حديث عمرو بن حريث أنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء وكانت الخطبة عند باب الكعبة، وذلك بعد تمام الدخول، وهذا الجمع لعياض، وقال غيره: يجمع بأن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر أو كانت تحت المغفر وقاية لرأسه من صدء الحديد، فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متهيأ للحرب وأراد جابر بذكر العمامة كونه دخل غير محرم (فلما نزعه) أي المغفر من رأسه (جاء رجل) قال الحافظ: لم أقف على اسمه إلا أنه يحتمل أن يكون هو الذي باشر قتله وقد جزم الفاكهي في شرح العمدة بأن الذي جاء بذلك هو أبو برزة الأسلمي، وكأنه لما رجح عنده أنه هو الذي قتله رأي أنه هو الذي جاء مخبرًا بقصته ويوشحه قوله في رواية يحيى بن قزعة في المغازي فقال اقتله بصيغة