تفسيرها في رواية المستملي أعني في روايته: ولا فار بخربة يعني السرقة. وقال ابن بطال: الخربة بالضم الفساد وبالفتح السرقة. قال الحافظ: قد تصرف عمرو في الجواب وآتى بكلام ظاهره حق ولكن أراد به الباطل. قال ابن حزم: لا كرامة للطيم الشيطان أن يكون أعلم من صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأغرب ابن بطال فزعم أن سكوت أبي شريح عن جواب عمرو بن سعيد دال على أنه رجع إليه في التفصيل المذكور، ويعكر عليه ما وقع في رواية أحمد أنه قال في آخره: قال أبو شريح: فقلت لعمرو: قد كنت شاهدًا وكنت غائبًا وقد أمرنا أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغت. فهذا يشعر بأنه لم يوافقه، وإنما ترك مشاققته لعجزه لما كان فيه من قوة الشوكة. وقال ابن بطال أيضًا: ليس قول عمرو جوابًا لأبي شريح لأنه لم يختلف معه في أن من أصاب حدًا في غير الحرم ثم لجأ إليه أنه يجوز إقامة الحد عليه في الحرم، فإن أبا شريح أنكر بعث عمرو الجيش إلى مكة ونصب الحرب عليها، فأحسن في استدلاله بالحديث، وحاد عمرو عن جوابه وأجابه عن غير سؤاله، وتعقبه الطيبي بأنه لم يحد في جوابه وإنما أجاب بما يقتضي القول بالموجب، كأنه قال له صح سماعك وحفظك لكن المعنى المراد من الحديث الذي ذكرته خلاف ما فهمته منه، فإن ذلك الترخص كان لسبب الفتح وليس بسبب قتل من استحق القتل خارج الحرم ثم استجار بالحرم، والذي أنا فيه من القبيل الثاني. قلت (قائله الحافظ) : لكنها دعوى من عمرو بغير دليل، لأن ابن الزبير لم يجب عليه حد فعاذ بالحرم فرارًا منه حتى يصح جواب عمرو، نعم كان عمرو يرى وجوب طاعة يزيد الذي استنابه وكان يزيد أمر ابن الزبير أن يبايع له بالخلافة ويحضر إليه في جامعة يعني مغلولاً، فامتنع ابن الزبير وعاذ بالحرم فكان يقال له بذلك عائذ الله، وكان عمرو يعتقد أنه عاص بامتناعه من امتثال أمر يزيد، ولهذا صدر كلامه بقوله: إن الحرم لا يعيذ عاصيًا. ثم ذكر بقية ما ذكر استطرادًا، فهذه شبهة عمرو وهي واهية، وهذه المسألة التي وقع فيها الاختلاف بين أبي شريح وعمرو فيها اختلاف بين العلماء أيضًا كما مر تفصليه في شرح حديث ابن عباس من هذا الباب، وفي حديث أبي شريح من الفوائد غير ما تقدم: جواز إخبار المرء عن نفسه بما يقتضي ثقته وضبطه لما سمعه ونحو ذلك، وإنكار العالم على الحاكم ما يغيره من أمر الدين، والموعظة بلطف وتدريج، والاقتصار في الإنكار على اللسان إذ لم يستطع باليد، ووقوع التأكيد في الكلام البليغ، وجواز المجادلة في الأمور الدينية، وفيه الخروج عن عهدة التبليغ، والصبر على المكاره لمن لا يستطيع بدًا من ذلك (متفق عليه) أخرجه البخاري في العلم وفي الحج وفي المغازي، ومسلم في الحج، وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٦: ص ٣٨٥) والترمذي في الحج وفي الديات والنسائي في الحج وفي العلم (وفي البخاري: الخربة الجناية) قال القاري: وفي نسخة ((الخيانة)) ضد الأمانة – انتهى. والذي في البخاري في الحج وفي المغازي، قال أبو عبد الله: الخربة البلية. وقال ابن الأثير في النهاية: في الحديث ((الحرم