للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب ". فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح! إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًا بدم ولا فارًا بخربة.

ــ

((وإنما أذن له)) أي لرسوله، قاله الحافظ. وقال العيني: وإنما التفت ثانيًا بقوله ((وإنما أذن لي)) ولم يقل ((أذن له)) بيانًا لاختصاصه بذلك بالإضافة إلى ضميره كما في قول امرئ القيس:

وذلك من نبأ جاءني _ ... وخبرته عن أبي الأسود

(ساعة من نهار) قد مضى في شرح حديث ابن عباس أن مقدار هذه الساعة ما بين طلوع الشمس وصلاة العصر، وكان قتل من قتل بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - كابن خطل وقع في هذا الوقت الذي أبيح فيه القتال للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمأذون له فيه القتال لا قطع الشجر، فليس في الحديث ما يدل على إباحة عضد الشجر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الساعة (وقد عادت حرمتها) أي الحكم الذي في مقابلة إباحة القتال المستفاد من لفظ الإذن (اليوم كحرمتها بالأمس) المراد باليوم الزمن الحاضر وبالأمس أي الأمس من يوم الفتح. وقال السندي: الظاهر أن المراد وقد عادت حرمتها بعد تلك الساعة كحرمتها قبل تلك الساعة - انتهى. ولم يبين غاية الحرمة هنا، وقد بينها في رواية ابن أبي ذئب المذكورة بقوله ((ثم هي حرام إلى يوم القيامة)) وكذا في حديث ابن عباس السابق بقوله ((فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة)) (وليبلغ) بسكون اللام وكسرها وتشديد اللام الثانية ويجوز تخفيفها أي يوصل (الشاهد) بالرفع (الغائب) بالنصب، قال ابن جرير: فيه دليل على جواز قبول خير الواحد لأنه معلوم أن كل من شهد الخطبة قد لزمه الإبلاغ وأنه لم يأمرهم بإبلاغ الغائب عنهم إلا وهو لازم له فرض العمل بما أبلغه كالذي لزم السامع سواء وإلا لم يكن للأمر بالتبليغ فائدة (فقيل لأبي شريح) لم يدر اسم القائل. وظاهر رواية ابن إسحاق أنه بعض قومه من خزاعة (ما قال لك عمرو؟) أي في جوابك (قال) أي أبو شريح (قال) أي عمرو (أنا أعلم بذلك) أي بالمذكور من قول أبي شريح: أن مكة حرمها الله تعالى، إلخ (منك يا أبا شريح) بإظهار الهمزة ويجوز حذفها للتخفيف فيقال يابا شريح (إن الحرم) أي حرم مكة (لا يعيذ) بالذال المعجمة أي لا يجير ولا يعصم (ولا فارًا بدم) بالفاء وتثقيل الراء من الفرار وهو عطف على ((عاصيًا)) والباء في ((بدم)) للمصاحبة، أي مصاحبًا بدم ومتلبسًا به يعني لا يجير هاربًا عليه دم يعتصم بمكة كيلا يقتص منه، قال الحافظ: المراد من وجب عليه حد القتل فهرب إلى مكة مستجيرًا بالحرم، وهي مسألة خلاف بين العلماء، وأغرب عمرو بن سعيد في سياقه الحكم مساق الدليل وفي تخصيصه العموم بلا مستند (ولا فارًا بخربة) عطف على ما قبله، والباء فيه للسببية وقوله ((بخربة)) بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها باء موحدة وهي السرقة، كذا ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>