للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المدينة حرام ما بين عير إلى ثور،

ــ

الحديث. ولأحمد من طريق طارق بن شهاب ((فيها فرائض الصدقة)) والجمع بين هذه الأحاديث أن الصحيفة كانت واحدة وكان جميع ذلك مكتوباً فيها فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه، والله أعلم. وقد بين ذلك قتادة في روايته لهذا الحديث عن أبي حسان عن علي (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المدينة حرام) كذا في رواية البخاري في باب إثم من عاهد ثم غدر من كتاب الجهاد، وهكذا وقع عند أحمد (ج ١: ص ١٢٦) وأبي داود ولفظ مسلم ((المدينة حرم)) بفتحتين بدون ألف، وهكذا عند البخاري في ((باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة)) وكذا وقع عند أحمد (ج ١: ص ٨١) والترمذي والنسائي. والحرام بمعنى الحرم لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا. وقال القاري: حرام أي محترم ممنوع مما يقتضي إهانة الموضع المكرم، وعند الشافعية: الحرام بمعنى الحرم. قلت: وهو الظاهر (ما بين عَيْر) بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف بلفظ العير مرادف الحمار، جبل مشهور في قبلة المدينة بقرب ذي الحليفة ميقات المدينة، وفي رواية للبخاري ((ما بين عائر)) بألف بعد العين المهملة على وزن فاعل (إلى ثور) بفتح الثاء المثلثة وسكون الواو بلفظ الثور فحل البقر جبل صغير خلف أحد، وهو غير جبل ثور الذي بمكة، وقوله ((إلى ثور)) انفرد به مسلم، ولفظ البخاري ((إلى كذا)) أي بإبهام النهاية. قال الحافظ: اتفقت روايات البخاري كلها على إبهام الثاني، ووقع عند مسلم ((إلى ثور)) فقيل: إن البخاري أبهمه عمداً لما وقع عنده أنه وهم. وقال صاحب المشارق والمطالع: أكثر رواة البخاري ذكروا عيرًا وأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضًا، والأصل في هذا التوقف قول مصعب الزبيري ((ليس بالمدينة عير ولا ثور)) ، وأثبت غيره عيرًا فوافقه على إنكار ثور. قال أبو عبيد (القاسم بن سلام) : قوله: ((ما بين عير إلى ثور)) . هذه رواية أهل العراق، وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلاً عندهم يقال له ثور، وإنما ثور بمكة، ونرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد. قلت (قائله الحافظ) : وقد وقع ذلك في حديث عبد الله بن سلام عند أحمد والطبراني (في الكبير قال عبد الله بن سلام: ما بين كذا وأحد حرام حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كنت لأقطع به شجرة ولا أقتل به طائرًا. هذا لفظ أحمد (ج ٥: ص ٤٥٠) ، ولفظ الطبراني ((قال: ما بين عير وأحد حرام)) . قال الهيثمي: ورجاله ثقات) وقال عياض: لا معنى لإنكار عير بالمدينة فإنه معروف، وقد جاء ذكره في أشعارهم، وأنشد أبو عبيد البكري في ذلك عدة شواهد. وقال ابن السيد في المثلث: عير اسم جبل بقرب المدينة معروف. قال الحافظ: وقد سلك العلماء في إنكار مصعب الزبيري لعير وثور مسالك، منها ما تقدم، ومنها: قول ابن قدامة في المغنى (ج ٣: ص ٣٥٤) : يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد قدر ما بين ثور وعير لا أنهما بعينهما في المدينة، ويحتمل أنه أراد الجبلين الذين بطرفي المدينة وسماهما عيرًا وثورًا تجوزًا وارتجالاً – انتهى. وحكى ابن الأثير كلام أبي عبيد

<<  <  ج: ص:  >  >>