للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...................................................................................

ــ

مختصراً ثم قال: وقيل إن عيرًا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة أو حرم المدينة تحريماً مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف. وقال النووي: يحتمل أن ثوراً كان اسمًا لجبل هناك إما أحد وإما غيره فخفي اسمه، وقال صاحب البيان والانتصار: قد صحت الرواية بلفظ ثور فلا ينبغي الإقدام على توهيم الرواة بمجرد عدم العرفان فإن أسماء الأماكن قد تتغير أو تنسى ولا يعلمها كثير من الناس، وأيضًا فقد يكون للشيء اسمان فيعرف أحدهما دون الآخر. وقال المجد صاحب القاموس: لا أدري كيف وقعت المسارعة من هؤلاء الأعلام إلى إثبات وهم في الحديث المتفق على صحته بمجرد ادعاء أن أهل المدينة لا يعرفون جبلاً يسمى ثورًا وذكر احتمال طرق التغيير في الأسماء والنسيان لبعضها، قال: حتى إني سألت جماعة من فقهاء المدينة وأمرائها وغيرهم من الأشراف عن فدك ومكانها فكلهم أجابوا بعدم معرفة موضع يسمى بذلك في بلادهم مع أن هذه القرية لم تبرح في أيدي الأشراف والخلفاء يتداولونها إلى أواخر الدولة العباسة فكيف بجبل صغير لا يتعلق به كبير أمر مع أنه معروف بين أهل العلم بالمدينة ونقل بعض الحفاظ وصفه بذلك خلفًا عن سلف – انتهى. ونقل جماعة عن المحدث أبي محمد عفيف الدين عبد السلام بن مزروع البصري نزيل المدينة المشرفة أنه رآه غير مرة وأنه لما خرج رسولاً من صاحب المدينة إلى العراق كان منه دليل يذكر له الأماكن والأجبل، فلما وصلا إلى أحد إذا بقربه جبل صغير فسأله ما اسم هذا الجبل؟ فقال له: يسمى ثورًا. وقد حكى عنه نحو هذا القطب الحلبي في شرح البخاري ثم قال: فعلمت بذلك صحة الرواية. وقال المحب الطبري في الأحكام بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه: قد أخبرني الثقة الصدوق الحافظ العالم أبو محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد عن يساره جانحًا إلى وراءه جبل صغير يقال له ثور. وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور وتواردوا على ذلك. قال الطبري: فعلمنا بذلك أن ذكر ثور في الحديث صحيح، وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه. قال: وهذه فائدة جليلة – انتهى. وقال الحافظ بعد حكاية كلام ابن مزروع البصري والمحب الطبري والقطب الحلبي: وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي نزيل المدينة في مختصره لأخبار المدينة أن خَلَفَ أهل المدينة ينقلون عن سلفهم أن خَلْفَ أحد من جهة الشمال جبلاً صغيرًا يضرب لونه إلى الحمرة بتدوير يسمى ثوراً. قال: وقد تحققته بالمشاهد – انتهى كلام الحافظ. ونقل السمهودي عن الإقشهري أنه قال: قد استقصينا من أهل المدينة تحقيق خبر جبل يقال له ثور عندهم فوجدنا ذلك اسم جبل صغير خلف جبل أحد يعرفه القدماء دون المحدثين من أهل المدينة. والذي يعلم حجة على من لا يعلم – انتهى. واعلم أن ما ورد في حديث على هذا من

<<  <  ج: ص:  >  >>