٢٧٦١ – (٩) وعن سفيان بن أبي زهير، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يفتح اليمن
ــ
أرض مهيعة أي مبسوطة، وبها كانت تعرف فلما ذهب السيل بأهلها سميت جحفة، فقوله:(وهي الجحفة) تفسير من بعض الرواة. وقال الحافظ: وأظن قوله ((وهي الجحفة)) مدرجًا من قول موسى بن عقبة أي راوي الحديث عن سالم بن عبد الله عن أبيه فإن أكثر الروايات خلا عن هذه الزيادة، وثبتت في رواية سليمان وابن جريج عن موسى ابن عقبة – انتهى. وهذه الرؤيا كما قاله المهلب من قسم الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء فتأول خروجها بما جمع اسمها وتأول ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة، وقيل لما كانت الحمى مثيرة للبدن بالاقشعرار وارتفاع الشعر عبر عن حالها في النوم بارتفاع شعر رأسها، فكأنه قيل الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة. قال الزرقاني بعد ذكر هذا الحديث: ولا مانع من تجسم الأعراض خرقًا للعادة ليحصل لهم الطمأنينة لإخراجها وفي رواية ((قدم إنسان من طريق مكة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل لقيت أحدًا؟ قال: لا إلا امرأة سوداء عريانة فقال - صلى الله عليه وسلم -: " تلك الحمى ولن تعود بعد اليوم)) قال السمهودي: والموجود الآن بالحمى بالمدينة ليس حمى الوباء بل رحمة ربنا، إلى آخر ما تقدم من كلامه (رواه البخاري) في الرؤيا، وأخرجه أيضًا أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة في الرؤيا.
٢٧٦١ – قوله (وعن سفيان بن أبي زهير) بضم الزاي المعجمة وفتح الهاء مصغرًا الأزدي الشنوي من أزد شنؤة بفتح المعجمة وضم النون وبعد الواو همزة مفتوحة، وفي النسب كذلك وقيل بفتح النون بعدها همزة مكسورة بلا واو، ويقال فيه النمري لأنه من ولد النمر بن عثمان، صحابي نزل المدينة، له خمسة أحاديث، اتفقا على حديثين أحدهما في اقتناء الكلب رواه عنه السائب بن يزيد والآخر في فضل المدينة رواه عنه عبد الله بن الزبير وهو الذي نحن في شرحه، ورواية ابن الزبير والسائب بن يزيد عنه تدل على جلالته وقدم مرتبته، قيل اسم أبيه أبي زهير القرد بفتح القاف وكسر الراء بعدها مهملة، ولذا يقال له ابن القرد، وقيل اسم أبيه نمير (يفتح) بالتذكير والتأنيث مبنيًا للمفعول (اليمن) نائب الفاعل، وسمي اليمن لأنه عن يمين القبلة أو عن يمين الشمس أو بيمن بن قحطان، وقوله ((يفتح اليمن)) إلخ، كذا وقع في رواية للشيخين البداءة بذكر اليمن ثم ذكر الشام ثم العراق، لكن عند مسلم بلفظة ((ثم)) وعند البخاري بالواو، ووقع في رواية وكيع عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير عند مسلم البداءة بذكر الشام ثم ذكر اليمن ثم العراق مرتبًا بلفظة ثم، والأرجح ما وقع في البخاري. قال الزرقاني: هذا من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر بفتح هذه الأقاليم وأن الناس يتحملون بأهليهم ويفارقون المدينة فكان ما قاله على ترتيب ما قال لكن في رواية لمسلم وغيره تفتح الشام ثم اليمن ثم