للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم

ــ

العراق، والظاهر أن اليمن قبل الشام للاتفاق على أنه لم يفتح شيء من الشام في الزمن النبوي فرواية تقديم الشام على اليمن معناها أن استيفاء فتح اليمن إنما كان بعد الشام – انتهى. وقال ابن عبد البر: افتتحت اليمن في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أيام أبي بكر وافتتحت الشام بعدها والعراق بعدها، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد وقع على وفق ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى ترتيبه، ووقع تفرق الناس في البلاد بما فيها من السعة والرخاء ولو صبروا على الإقامة بالمدينة لكان خيرًا لهم، وفي هذا الحديث فضل المدينة على البلاد المذكورة وهو أمر مجمع عليه، وفيه دليل على أن بعض البقاع أفضل من بعض ولم يختلف العلماء في أن للمدينة فضلاً على غيرها، وإنما اختلفوا في الأفضلية بينها وبين مكة، كذا في الفتح (فيأتي قوم) من أهل المدينة. قال القاري: أي فيذهبون إلى اليمن فيعجب بعضًا بلادهم وهينة عيشهم فيحملهم على المهاجرة إليها بأنفسهم وأهاليهم فيأتون (يبسون) بفتح التحتية وكسر الموحدة وتشديد المهملة وعن ابن القاسم بضم الموحدة فهو من باب ضرب ونصر ثلاثيًا ويقال أيضًا بضم التحتية وكسر الموحدة من الثلاثي المزيد فحصل في ضبطه ثلاثة أوجه يقال: أبسست الدابة وبسستها أي سقتها يعني يسوقون دوابهم إلى المدينة (فيتحملون) أي يرتحلون من المدينة إلى اليمن المفتتحة. قال الحافظ: ((يبسون)) بفتح أوله وضم الموحدة وبكسرها من بس يبس. قال أبو عبيد: معناه يسوقون دوابهم، والبس سوق الإبل، يقال: بس بس عند السوق وإرادة السرعة، وقال الداودي: معناه يزجرون دوابهم فيبسون ما يطؤنه من الأرض من شدة السير فيصير غبارًا قال تعالى {وبست الجبال بسًا} (سورة الواقعة: الآية ٥) أي سالت سيلاً، وقيل: معناه سارت سيرًا، وقال ابن القاسم: البس المبالغة في الفت ومنه قيل للدقيق المصنوع بالدهن بسيس، وانكر ذلك النووي وقال: إنه ضعيف أو باطل، قال ابن عبد البر: وقيل: معنى يبسون يسألون عن البلاد ويستقرءون أخبارها ليسيروا إليها. قال: وهذا لا يكاد يعرفه أهل اللغة. وقيل: معناه يزينون لأهلهم البلاد التي تفتح ويدعونهم إلى سكانها فيتحملون بسبب ذلك من المدينة راحلين إليها. ويشهد لهذا المعنى حديث أبي هريرة عند مسلم: يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعملون. وعلى هذا فالذين يتحملون غير الذين يبسون كأن الذي حضر الفتح أعجبه حسن البلد ورخاؤها فدعا قريبه إلى المجيء إليها لذلك فيتحمل المدعو بأهله وأتباعه، قال ابن عبد البر: وروى يبسون بضم أوله من أبس إبساسًا، ومعناه يزينون لأهلهم البلدة التي يقصدونها وإلى هذا ذهب ابن وهب، وقال النووي: الصواب أن معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله باسًا في سيره مسرعًا إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتحها. قال الحافظ:

<<  <  ج: ص:  >  >>