٢٧٦٢ – (١٠) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أمرت بقرية تأكل القرى
ــ
بعث بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إليه يستحمله فخرج معه يبتغي له بعيرًا فلم يجد إلا عند أبي جهم بن حذيفة العدوي فسامه له فقال له أبو جهم: لا أبيعكه يا رسول الله ولكن خذه فاحمل عليه من شئت، فزعم أنه أخذه منه ثم خرج حتى إذا بلغ بئر إهاب قال: " يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان ويوشك الشام أن يفتح فيأتي رجال من أهل هذا البلد فيعجبهم ريعه ورخاؤه والمدينة خير لهم.. " – الحديث.
٢٧٦٢- قوله (أمرت) بضم الهمزة على بناء المجهول أي أمرني ربي (بقرية) أي بالهجرة إلى قرية والنزول فيها أو بالمقام في قرية واستيطانها. قال الحافظ: أي أمرني ربي بالهجرة إليها أو سكناها، فالأول محمول على أنه قاله بمكة والثاني على أنه قاله بالمدينة – انتهى. وفيه أنه لا مانع من حمله على الشق الأول أيضًا على أنه قال ذلك بالمدينة حكاية للأمر السابق الذي وقع بمكة (تأكل القرى) بضم القاف جمع قرية أي تغلبها وتظهر عليها، والمعنى أن أهلها تغلب على أهل سائر البلاد فتفتح منها فكنى بالأكل عن الغلبة لأن الآكل غالب على المأكول، وقال التوربشتي: الأصل في الأكل للشيء الإفناء له ثم استعير لافتتاح البلاد وسلب الأموال فكأنه قال: يأكل أهلها القرى وأضاف الأكل إليها لأن أموال تلك البلاد تجمع إليها فيفنى فيها. ووقع في موطأ ابن وهب ((قلت لمالك: ما تأكل القرى؟ قال: تفتح القرى لأن من المدينة افتتحت القرى كلها بالإسلام)) وبسطه ابن بطال فقال: معناه يفتح أهلها القرى فيأكلون أموالهم ويسبون ذراريهم. قال: وهذا من فصيح الكلام، تقول العرب: أكلنا بلد كذا إذا ظهروا عليها. وسبقه الخطابي إلى معنى ذلك أيضًا، وقال النووي: ذكروا في معناه وجهين أحدهما هذا، والآخر أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة وإليها تساق غنائمها، وقال ابن المنير في الحاشية: يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها، ومعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكون عدمًا، قال الحافظ: والذي ذكره احتمالاً ذكره القاضي عبد الوهاب فقال: لا معنى لقوله ((تأكل القرى)) إلا رجوح فضلها عليها وزيادتها على غيرها كذا قال، ودعوى الحصر مردودة لما مضى، ثم قال ابن المنير: وقد سميت مكة أم القرى لكن المذكور للمدينة أبلغ من الأمومة لأن الأمومة لا تمحى إذا وجدت ما هي له أم لكن يكون حق الأم أظهر، قال الزرقاني: وفي الحديث تفضيل المدينة على مكة، وقال الحافظ: استدل بالحديث على أن المدينة أفضل البلاد، قال المهلب: لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام فصار الجميع في صحائف أهلها وأجيب بأن أهل المدينة الذين افتتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين، ولا يلزم من ذلك تفضل إحدى البقعتين. قال ابن حزم: لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للأولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من