للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...................................................................................

ــ

أخرى أسامة بن شريك، ولا معارضة بينه وبين من سماه يزيد بن الحارث لأنه يحمل على أن أسامة هو سيد الحي الذي أشار إليه في الرواية الأخرى واستثبته فيما حدثه به الأول وهو يزيد بن الحارث ورجاله رجال الصحيحين إلا المبهم وأسامة بن شريك صحابي مشهور، والذي سماه وهو أبو بكر النهشلي من رجال مسلم؛ فالحديث صحيح بهذا الاعتبار، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم وأخرجاه، وأحمد والطبراني من وجه آخر عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، قال: سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " هو وخز أعداءكم من الجن وهو لكم شهادة ". ثم ذكر الحافظ للحديث طريقين أخريين وشاهدين من حديث عائشة وحديث ابن عمر وضعفهما ثم قال: والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه. ثم قال: قال العلماء: أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يحصل لأمته أرفع أنواع الشهادة وهو القتل في سبيل الله بأيدي أعدائهم إما من الإنس وإما من الجن. وقوله ((وخز)) بفتح أوله وسكون المعجمة بعدها زاي، قال أهل اللغة: هو الطعن إذا كان غير نافذ، ووصف طعن الجن بأنه وخز لأنه يقع من الباطن إلى الظاهر فيؤثر في الباطن أولاً ثم يؤثر في الظاهر وقد لا ينفذ، وهذا بخلاف طعن الإنس فإنه يقع من الظاهر إلى الباطن فيؤثر في الظاهر أولاً ثم يؤثر في الباطن وقد لا ينفذ. تنبيه: يقع في الألسنة وهو في النهاية لابن الأثير بلفظ ((وخز إخوانكم من الجن)) ولم أره بلفظ إخوانكم بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طريق الحديث المسندة لا في الكتب المشهور ولا الأجزاء المنثورة وقد عزاه بعضهم لمسند أحمد والطبراني وكتاب الطواعين لابن أبي الدنيا ولا وجود لذلك في واحد منها، كذا في الفتح، قال الزرقاني: فإن قيل: إذا كان الطعن من الجن فكيف يقع في رمضان والشياطين تصفد فيه وتسلسل؟ أجيب باحتمال أنهم يطعنون قبل دخول رمضان ولا يظهر التأثير إلا بعد دخوله، وقيل غير ذلك، ويمكن أن يقال أن المصفد بعض الشياطين كما وقع في بعض الروايات وهم المردة لا كلهم فإن تصفيد الشياطين لا يستلزم تصفيد الجان كلهم، وقد استشكل عدم دخول الطاعون المدينة مع كون الطاعون شهادة، وكيف قرن بالدجال ومدحت المدينة بعدم دخولهما؟ قال الحافظ: والجواب أن كون الطاعون شهادة ليس المراد بوصفه بذلك ذاته وإنما المراد أن ذلك يترتب عليه وينشأ عنه لكونه سببه فإذا استحضر ما تقدم من أنه طعن الجن حسن مدح المدينة بعدم دخوله إياها، فإن فيه إشارة إلى أن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من دخول المدينة، ومن اتفق دخوله إليها لا يتمكن من طعن أحد منهم. فإن قيل طعن الجن لا يختص بكفارهم بل قد يقع من مؤمنيهم، قلنا: دخول كفار الإنس المدينة ممنوع، فإذا لم يسكن المدينة إلا من يظهر الإسلام جرت عليه أحكام المسلمين ولو لم يكن خالص الإسلام فحصل الأمن من وصول الجن إلى طعنهم بذلك، فلذلك لم يدخلها الطاعون أصلاً. وقد أجاب القرطبي في المفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>