٢٧٦٧ – (١٥) وعن أنس، قال: قال رسول الله: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال
ــ
عن المدينة بدعائه وخبره هذه المدد المتطاولة فهو خاص بها. وجزم ابن قتيبة في المعارف والنووي في الأذكار بأن الطاعون لم يدخل مكة أيضًا معارضًا بما نقله غير واحد بأنه دخلها في سنة سبع وأربعين وسبعمائة؛ لكن في تاريخ مكة لعمر بن شبة برجال الصحيح عن أبي هريرة مرفوعًا: " المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقيب منها ملك فلا يدخلهما الدجال ولا الطاعون ". وحينئذ فالذي نقل أنه دخل مكة في التاريخ المذكور ليس كما ظن أو يقال أنه لا يدخلهما من الطاعون مثل الذي يقع في غيرهما كالجارف وعمواس، وفي حديث أنس عند البخاري في الفتن ((فيجد الملائكة يحرسونها يعني المدينة فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله)) . وقد اختلف في هذا الاستثناء فقيل هو للتبرك فيشملهما، وقيل هو للتعليق وأنه يختص بالطاعون ومقتضاه جواز دخول الطاعون المدينة. قال الحافظ في الفتن: وكونه للتبرك هو أولى. وقال السمهودي بعد ذكر هذه الرواية: هذا يقتضي جواز دخول الطاعون المدينة ويرده الجزم في سائر الأحاديث والصواب حفظها منه كما هو المشاهد، وقيل المراد بالطاعون في هذا الحديث المنفي دخوله المدينة طاعون العذاب فتأمل (ولا الدجال) هو فعال بفتح أوله وتشديد الجيم من الدجل وهو التغطية، والمراد المسيح الأعور وسمي الكذاب دجالاً لأنه يغطي الحق بباطله، ويقال دجل البعير بالقطران إذا غطاه والإناء بالذهب إذا طلاها، وقال ابن دريد: سمي دجالاً لأنه يغطي الحق بالكذب، وقيل لضربه نواحي الأرض. وقيل: بل قيل ذلك لأنه يغطي الأرض فرجع إلى الأول. وقال القرطبي في التذكرة اختلف في تسميته دجالاً على عشر أقوال. وقال صاحب القاموس: إنه اجتمع له من الأقوال في سبب تسميته الدجال المسيح خمسون قولاً، كذا في الفتح. ويأتي مزيد الكلام على عدم دخول الدجال المدينة في شرح حديث أنس الذي يليه (متفق عليه) أخرجه البخاري في الحج وفي الطب وفي الفتن، وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٢: ص ٢٣٧) ومالك في الجامع والنسائي.
٢٧٦٧ – قوله (ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال) أي يدوسه ويدخلها ويفسده. قال الحافظ: هو على ظاهره وعمومه عند الجمهور، وشذ ابن حزم فقال: المراد لا يدخله بعثه وجنوده، وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد لقصر مدته وغفل عما في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة. قلت: لا إشكال في طي الدجال جميع البلاد غي المدة التي ذكرت في الأحاديث ولا مجال لاستبعاده حيث اخترعت في عصرنا هذا سيارات سريعة وقطارات بخارية وكهربائية في البر وبواخر سريعة الجري في البحر وطيارات ونفاثات وصواريخ ذرية تقطع في أقصر وقت من الأبعاد والمسافات ما كان لا يتصوره الإنسان قبل ذلك، وروى الحاكم من حديث أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رفعه