للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا مكة والمدينة، ليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، فينزل السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق ".

ــ

((أنه يخرج يعني الدجال في نقص من الدنيا وخفة من الدين وسوء ذات بين فيرد كل منهل وتطوى له الأرض طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة فيغلب على خارجها ويمنع داخلها ثم يأتي ايلياء فيحاصر عصابة من المسلمين)) فهذا فيه نوع آخر لطي الأرض (إلا مكة والمدينة) بالنصب على الاستثناء. قال الزرقاني: وعند الطبري عن ابن عمرو مرفوعًا ((إلا الكعبة وبيت المقدس)) وزاد الطحاوي ((ومسجد الطور)) وفي بعض الروايات: فلا يبقى موضع إلا ويأخذه الدجال غير مكة والمدينة وبيت المقدس وجبل الطور، فإن الملائكة تطرده عن هذه الموضع – انتهى. ونسب الحافظ حديث عبد الله بن عمرو إلى الطبراني والرواية الثانية إلى أحمد، قال: ورجاله ثقات (ليس نقب من أنقابها) أي أنقاب المدينة أو أنقاب كل واحدة منهما (إلا عليه الملائكة) أي على ذلك النقب (يحرسونها) أي يحفظون أهلها (فينزل) أي الدجال بعد أن منعته الملائكة (السبخة) بكسر الباء صفة وهي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر، وبفتحها اسم، وهو موضع قريب من المدينة (فترجف المدينة) بضم الجيم أي تضطرب (بأهلها) أي ملتبسة بهم وقيل: الباء للتعدية أي تحركهم وتزلزلهم (ثلاث رجفات) بفتح الجيم (فيخرج إليه) أي إلى الدجال، وفي رواية ((فيخرج الله)) (كل كافر ومنافق) قال الطيبي: الباء يحتمل أن تكون للسببية أي تتزلزل وتضطرب بسبب أهلها لينفض إلى الدجال الكافر والمنافق، وأن يكون حالاً أي ترجف ملتبسة، ثم نقل عن المظهر ((ترتجف المدينة بأهلها)) أي تحركهم وتلقى ميل الدجال في قلب من ليس بمؤمن خالص، قال: فعلى هذا الباء صلة الفعل، وقال الحافظ في الحج: قوله ((ثم ترتجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات)) إلخ. أي يحصل لها زلزلة بعد أخرى ثم ثالثة حتى يخرج منها من ليس مخلصًا في إيمانه ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكرة عند البخاري أنه لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لأن المراد بالرعب ما يحدث من الفزع من ذكره والخوف من عتوه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص، وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه أنها تنفي الخبث على هذه الحالة دون غيرها، وقد تقدم أن الصحيح في معناه أنه خاص بناس وبزمان فلا مانع أن يكون هذا الزمان هو المراد، ولا يلزم من كونه مرادًا نفي غيره، وقال في باب ذكر الدجال من كتاب الفتن: الجمع بين قوله ترجف ثلاث رجفات وبين قوله لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال أن الرعب المنفي هو الخوف والفزع حتى لا يحصل لأحد فيها بسبب نزوله قربها شيء منه، أو هو عبارة عن غايته وهو غلبته عليها، والمراد بالرجفة الإرفاق وهو إشاعة مجيئه وأنه لا طاقة لأحد به، ويسارع حينئذ إليه من كان يتصف بالنفاق أو الفسق فيظهر حينئذ تمام أنها تنفي خبثها – انتهى. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>