للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها ". متفق عليه.

ــ

وتعالى: ((وإن منها لما يهبط من خشية الله} (سورة البقرة: الآية ٦٩) وكما حن الجذع اليابس وكما سبح الحصى وكما فر الحجر بثوب موسى - صلى الله عليه وسلم -. قال: وهذا وما أشبهه شواهد لما اخترناه واختاره المحققون في معنى الحديث، وأن أحدًا يحبنا حقيقة، وقيل المراد يحبنا أهله فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه – انتهى. وقال الزرقاني: قوله ((يحبنا)) حقيقة كما رجحه جماعة وقد خاطبه - صلى الله عليه وسلم - مخاطبة من يعقل فقال لما اضطرب ((اسكن)) فوضع الله الحب فيه كما وضع التسبيح في الجبال مع داود، والخشية في الحجارة التي قال فيها {وإن منها لما يهبط من خشية الله} وكما حن الجذع لفراقه حتى سمع الناس حنينه فلا ينكر وصف الجماد بحب الأنبياء، وقد سلم عليه الحجر والشجر وسبحت الحصيات في يده وكلمته الذراع وأمنت حوائط البيت وأسكفه الباب على دعائه - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى مزيد حب الله إياه حتى أسكن حبه في الجماد وغرس محبته في الحجر مع فضل يبسه وقوة صلابته، وقوله ((نحبه)) حقيقة أيضًا. لأن جزاء من يحب أن يحب. ولأنه من جبال الجنة كما رواه أحمد عن أبي عبس بن جبر (كما تقدم) وللبزار والطبراني ((أحد هذا جبل يحبنا ونحبه على باب من أبواب الجنة)) أي من داخلها. فلا ينافي رواية الطبراني أيضًا: " أحد ركن من أركان الجنة ". لأنه ركن داخل الباب، بدليل رواية ابن سلام في تفسيره أنه ركن باب الجنة، وقيل هو على حذف المضاف أي يحبنا أهله وهم الأنصار لأنهم جيرانه، وكانوا يحبونه - صلى الله عليه وسلم - ويحبهم. وقيل لأنه كان يبشره بلسان الحال إذا قدم من سفر بقربه من أهله ولقائهم، وذلك فعل المحب بمن يحب فكان يفرح إذا طلع له استبشارًا بالأوبة من السفر والقرب من الأهل، وضعف بما في رواية الطبراني عن أنس ((فإذا جئتموه فكلوا من شجره ولو من عضاهه)) بكسر المهملة وضاد معجمة كل شجرة عظيمة ذات شوك، فحث على عدم إهمال الأكل حتى لو فرض أنه لا يوجد إلا ما لا يؤكل كالعضاه يمضغ منه تبركاً ولو بلا ابتلاع قال: وأخذ من هذا الحديث أنه أفضل الجبال. وقيل عرفة، وقيل: أبو قبيس: وقيل: الذي كلم الله عليه موسى، وقيل: قاف. قيل: وفيه قبر هارون أخي موسى عليهما السلام ولا يصح- انتهى. (اللهم إن إبراهيم حرم مكة) تقدم شرحه (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب خرص التمر من كتاب الزكاة، وفي باب من غزا بصبي للخدمة من الجهاد، وفي باب قوله: {اتخذ الله إبراهيم خليلاً} (سورة النساء: الآية ١٢٤) من كتاب الأنبياء، وفي باب غزوة أحد من المغازي، وفي باب الحيس من الأطعمة، وفي باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم، إلخ. من كتاب الاعتصام، وأخرجه مسلم في الحج في فضل المدينة، وأخرجه أيضًا مالك في الجامع والترمذي في أواخر المناقب.

<<  <  ج: ص:  >  >>