٢٧٧٠ – (١٨) وعنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلع له أحد فقال:" هذا جبل يحبنا ونحبه
ــ
٢٧٧٠ – قوله (طلع) أي ظهر (له أحد) قال السهيلي:سمي أحدًا لتوحده وانقطاعه عن جبال أخرى هناك أو لما وقع من أهله من نصر التوحيد (فقال: هذا) إشارة إلى جبل أحد (جبل يحبنا ونحبه) قال الحافظ: ظهر من هذه الرواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لما رآه في حال رجوعه من الحج – انتهى. قلت: ويظهر من رواية عمرو عن أنس عند البخاري في باب من غزا بصبي للخدمة من كتاب الجهاد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لما رآه في حال رجوعه من خيبر، ووقع في رواية أبي حميد عند البخاري أيضًا في باب خرص التمر من كتاب الزكاة أنه قال لهم ذلك لما رجع من تبوك وأشرف على المدينة قال: " هذه طابة ". فلما رأي أحدًا قال: " هذا جبل يحبنا ونحبه ". قال الحافظ: فكأنه - صلى الله عليه وسلم - تكرر منه ذلك القول، وللعلماء في معنى ذلك أقوال أحدها أنه على حذف مضاف، والتقدير أهل أحد والمراد بهم الأنصار لأنهم جيرانه، ثانيها أنه قال ذلك للمسرة بلسان الحال إذا قدم من سفر لقربه من أهله ولقياهم، وذلك فعل من يحب بمن يحب، ثالثها أن الحب من الجانبين على حقيقته وظاهره لكون أحد من جبال الجنة كما ثبت في حديث أبي عبس بن جبر مرفوعًا ((جبل أحد يحبنا ونحبه وهو من جبال الجنة)) أخرجه أحمد. ولا مانع في جانب البلد من إمكان المحبة منه كما جاز التسبيح منها أي الجبال وقد خاطبه - صلى الله عليه وسلم - مخاطبة من يعقل فقال لما اضطرب: " اسكن أحد ". – الحديث. وقال السهيلي: كان - صلى الله عليه وسلم - يحب الفال الحسن والاسم الحسن ولا اسم أحسن من اسم مشتق من الأحدية. قال: ومع كونه مشتقاً من الأحدية فحركات حروفه الرفع وذلك يشعر بارتفاع دين الأحد وعلوه فتعلق الحب من النبي - صلى الله عليه وسلم - به لفظًا ومعنىً فخص من بين الجبال بذلك، والله أعلم. وقال الحافظ أيضًا في باب من غزا بصبي للخدمة: قيل: هو على الحقيقة ولا مانع من وقوع مثل ذلك بأن يخلق الله المحبة في بعض الجمادات، وقيل: هو على المجاز والمراد أهل أحد على حد قوله تعالى: {واسأل القرية} وقال الشاعر:
وما حب الديار شغفن قلبي _ ... ولكن حب من سكن الديارا
– انتهى. وقال السمهودي: قيل: المراد يحبنا أهله ونحبهم، فحذف أهله لدلالة اللفظ عليه كما في قوله تعالى:{وأشربوا في قلوبهم العجل}(سورة البقرة: الآية ٨٧) أي حبه {واسأل القرية} سورة يوسف: الآية ٨٢) وقيل: هو ضرب من المجاز أي نحن نحبه ونستبشر برؤيته، ولو كان ممن يعقل لأحبنا على سبيل مطابقة الكلام، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك حقيقة وأن الله تعالى جعل فيه أو في بعضه إدراكًا ومحبة كما جعل في تسبيح الحصى وحنين الجذع ويكون من خوارق العادات، ويحتمل أن يكون يحبنا هنا عبارة عن نفعه لنا في الحماية والنصرة كمن يحبنا – انتهى. وقال النووي: الصحيح المختار أن معناه أن أحدًا يحبنا حقيقة، جعل الله تعالى فيه تمييزًا يحب به كما قال سبحانه