٢٧٦٩ – (١٧) وعن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة، أوضع راحلته وإن كان على دابة حركها من حبها. رواه البخاري.
ــ
حتى أهلك الله عتاتهم مع كثرتهم في مدة يسيرة، وقد يقال المراد من الأحاديث الجمع بين إذابته بالإهلاك في الدنيا وبين إذابته بالنار في الأخرى، والمذكور في هذا الحديث هو الثاني، وفي غيره الأول ففي رواية لأحمد برجال الصحيح من جملة حديث من أرادها بسوء يعني المدينة أذابه الله كما يذوب الملح في الماء، وكذا في مسلم أيضًا وفي رواية له ((من أراد أهل هذه البلدة بدهم أو بسوء)) بالشك، والدهم بفتح الدال المهملة وإسكان الهاء أي بغائلة وأمر عظيم، ولذا قيل المراد غازيًا مغيرًا عليها، وروى النسائي من حديث السائب بن خلاد رفعه:" من أخاف أهل المدينة ظالمًا لهم أخافه الله، وكانت عليه لعنة الله.. " – الحديث. ولابن حبان نحوه من حديث جابر، والحديث فيه دليل على فضل المدينة، واستدل به بعضهم على أن المدينة أفضل من مكة ولا يخفى ما فيه قال ابن حزم: إنما فيه الوعيد على من كاد أهلها ولا يحل كيد مسلم، فليس فيه أنها أفضل من مكة، وقد قال تعالى عن مكة {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}(سورة الحج: الآية ٢٦) فصح الوعيد على من ظلم بمكة كالوعيد على من كاد أهل المدينة (متفق عليه) أخرجاه في الحج وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ١٨٠) والنسائي.
٢٧٦٩ – قوله (فنظر إلى جدرات المدينة) بضم الجيم والدال جمع جدر بضمتين جمع سلامة والجدر جمع جدار (أوضع) بفتح الهمزة: وسكون الواو وبالضاد المعجمة أي أسرع، يقال وضع البعير أي أسرع في مشيه وأوضعه راكبه أي حمله على السير السريع (راحلته) وفي رواية ناقته أي حملها على السير السريع قال القاري: الإيضاع مخصوص بالبعير، والراحلة النجيب والنجيبة من الإبل، في الحديث: الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة (وإن كان على دابة) سوى الناقة كالبغل والفرس والدابة أعم من الناقة (حركها) جواب إن (من حبها) أي حرك الدابة لسرعة السير من أجل حبه - صلى الله عليه وسلم - المدينة أو أهلها؛ فمن سببية متعلقة بقوله حركها. قال القسطلاني: وقد استجاب الله تعالى دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث دعا اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حتى كان يحرك دابته إذا رآها من حبه (رواه البخاري) في الحج في باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة، وفي فضائل المدينة قبل باب كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة، وأخرجه أيضًا الترمذي في الدعوات بعد ((باب ما يقول إذا رجع من سفره)) .