للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٣٣٦- (٢) قال الشيخ الإمام محي السنة، رحمه الله: هذا الحديث في الصحراء، وأما في البنيان، فلا بأس لما روي عن عبد الله بن عمر، قال: ((ارتقيت فوق بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت

ــ

إستدبارها، وهذا مختلف بحسب البلاد، فللكل أن يأخذوا بهذا الحديث بالنظر إلى المقصود لا بالنظر إلى المفهوم. والحديث بظاهره دليل على منع الإستقبال والإستدبار عند قضاء الحاجة مطلقاً من غير فرق بين الصحراء والبنيان. والمسألة مختلف فيها بين العلماء لتعارض الأحاديث في ذلك، فقال بعضهم بعموم النهي أخذاً بظواهر أحاديث النهي، وترجيحاً لها على أحاديث الرخصة أو التخصيص. وقال بعضهم بخصوص النهي بالصحراء جمعاً بين الأحاديث؛ لأن إعمال الأدلة كلها أولى من إهمال بعضها. وقال بعضهم بالإباحة والجواز مطلقاً رجوعاً إلى البرأة الأصلية، أو حملاً للنهى على التنزيه، أو النسخ، فجعلوا أحاديث الإباحة قرينة على حمل النهي علىالتنزيه، أو ناسخه لأحاديث المنع. وقال بعضهم بالفرق بين الإستقبال فيحرم مطلقاً، والإستدبار فيجوز مطلقاً. وههنا أقوال أخرى لكنها غير مشهورة. والأول هو المشهور عن أبي حنفية، واختاره ورجحه من المالكية ابن العربي في شرح الترمذي، ومن الظاهرية ابن حزم في المحلي، ومن فقهاء أهل الحديث ابن القيم في الهدي (ج١: ص٢٧٢) والشوكاني في النيل (ج١: ص٨١) وفي السيل الجرار، وشيخنا الأجل المباكفورى في شرح الترمذي (ج١: ص١٩) والثاني مذهب الأئمة الثلاثة، ومال إليه الطحاوي من الحنفية، وقال الأمير اليماني في السبل (ج١: ص١١٩) : هو أقرب الأقوال. وقال الحافظ: هو أعدل الأقوال، ويؤيده ما روى عن ابن عمر، أنه قال: إنما نهي عن ذلك في القضاء. وإليه يظهر ميلان السندهي في حواشيه على البخاري، وغيره كما سيأتي. وعندي: الاحتراز عن الإستقبال والإستدبار في البيوت أحوط وجوباً لا ندباً، والمقام من معارك النظار فتدبره ولا تعجل. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً مالك وأحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه، وغيرهم.

٣٣٦- قوله: (قال الشيخ الإمام محي السنة) البغوي في المصابيح. (هذا الحديث) أي حكمه. (وأما في البنيان) قال ابن حجر: يعني الخلاء ليطابق الحديث الذي استدل به. (ارتقيت) أي صعدت. (فوق بيت حفصة) أي سطحه، وهي أخت عبد الله بن عمر، أم المؤمنين زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت عمر بن الخطاب العدوية، قيل: إنها ولدت قبل المبعث بخمسة أعوام، وكانت قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت خنيس بن حذافة السهمي، هاجرت معه، ومات عنها بعد غزوة بدر، فلما مات ذكرها عمر على أبي بكر وعثمان فلم يجبه واحد منهما، فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنكحه إياها سنة ثلاث، وقيل: سنة اثنتين. لها ستون حديثاً، اتفقا منها على ثلاثة، وانفرد مسلم بستة، روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين. ماتت في شعبان سنة (٤٥) وهي ابنة ستين سنة، وقيل: ماتت سنة (٤١) وإضافة البيت إلى حفصة مجازية باعتبار تعلق السكني، وإلا فالبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>