رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام)) متفق عليه.
٣٣٧- (٣) وعن سلمان رضي الله عنه، قال:((نهانا، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ــ
كان ملكاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -. (يقضي حاجته) أي في الخلاء (مستدبر القبلة) هذا هو أصل الأئمة الثلاثة في جواز الاستدبار في الأبنية، وابتنوا عليه جواز الإستقبال، ويظهر من صنيع البغوي أنه ذهب إلى أن النهي ورد أولاً عاماً، ثم خص عمومه بحديث ابن عمر، وفيه خدشات من وجوه كثيرة، ذكرها ابن القيم، وابن العربي، وغيرهما، وهي تضعف القول بكونه مخصصاً لأحاديث النهي، قال السندهي في حاشيته على البخاري بعد بيان بعض هذه الخدشات: فالوجه أن حديث النهي من أصله مخصوص بالفضاء لا يعم البناء أصلاً، وهو الموافق للقرائن. (وقد أشرنا إلى بعض هذه القرائن في بيان معنى الغائط) فلعل من فهم عموم الحكم ما فهم من لفظ الحديث، إنما فهم من ظنه أن علة النهي إكرام القبلة عن المواجهة بالنجاسة، ففهم من عموم هذه العلة عموم الحكم. وقال في حاشيته على ابن ماجه: ويؤيد القول بالخصوص تقييد حديث النهي بإتيان الغائط في كثير من الروايات، والمراد به المكان المنخفض في الفضاء كما قررنا، وبه يظهر التوفيق بين الأحاديث. وقال في حاشيته على النسائي: ويمكن أن يكون محمل الحديث الصحراء، وإطلاق اللفظ جاء على ما كان عليه العادة يومئذٍ، إذا لم يكن لهم كنف في البيوت في أول الأمر-انتهى. قال: ومن قرائن حمل الغائط في حديث أبي أيوب على معناه اللغوى أي المكان المطمئن من الأرض في الفضاء أي الصحراء، أن النهي عن جهتين، والتخيير بين جهتين آخرين عند إتيان الغائط إنما يحسنان في الفضاء لا في البيوت، فإن الإنسان في الفضاء متمكن عند إتيان الغائط من الجهات الأربع، فيمكن أن ينهى عن بعضها، ويخير بين بعضها، وأما في البيوت فلا يتمكن عادة عند إتيان الغائط من الجهات الربع، بل يتمكن منها عند بناء الكنيف، وأما بعد البناء عند إتيان الغائط فهو يصير تابعاً لكيفية البناء –انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً مالك وأحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
٣٣٧- قوله:(وعن سلمان) هو سلمان الفارسي أبوعبد الله، ابن الإسلام، ويقال له: سلمان الخير. أصله من أصبهان، وقيل: من رامهرمز. أسلم عند قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وأول مشاهده الخندق، وقال ابن عبد البر: ويقال إنه شهد بدراً. سافر يطلب الدين من قريته، فدان أولاً بالنصرانية، وقرأ الكتب وصبر في ذلك على مشقات متتالية، فأخذه قوم من العرب فباعوه من اليهود، ثم إنه كوتب فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابته، ويقال: إنه تداوله بضعة عشر سيداً حتى أفضى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وقال: سلمان منا أهل البيت. وهو أحد الذين اشتاقت إليهم الجنة، وكان من المعمرين، قيل: عاش (٢٥٠) سنة. وقيل:(٣٥٠) سنة، والأول أصح، وكان يأكل من يده، ويتصدق بعطاءه، مات بالمدائن سنة (٣٥) وقيل: سنة (٣٣) وقيل: غير ذلك، له ستون حديثاً، اتفقا على ثلاثة، وانفرد البخاري بواحد، ومسلم بثلاثة، روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. (قال: نهانا يعني) أي يريد سلمان بالناهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.