٣٤٦- (١٢) وعن أبي موسى، قال:((كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جداًر، فبال. ثم قال: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله)) رواه أبوداود.
٣٤٧- (١٣) وعن أنس، قال:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)) .
ــ
عند الحاجة عن حضور الناس إذا كان في مراح من الأرض، ويدخل في معناه الاستتار بالأبنية، وضرب الحجب، وإرخاء الستر وأعماق الآبار والحفائر ونحو ذلك من الأمور الساترة للعورات، وكل ما ستر العورة عن الناس. (رواه أبوداود) وسكت عنه، وفيه إسماعيل بن عبد الملك الكوفي قد تكلم فيه غير واحد، وقال الحافظ: صدوق كثير الوهم، وأخرجه أيضاً ابن ماجه، وفيه أيضاً إسماعيل بن عبد الملك، ويؤيده حديث المغيرة بن شعبة عند الترمذي وصححه، وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ: كان إذا ذهب المذهب أبعد.
٣٤٦- قوله:(ذات يوم) أي يوما وذات زائدة، وقيل كناية عن الساعة، أي كنت يوماً أو ساعة يوم معه عليه الصلاة والسلام. (دمثاً) بفتح الدال وكسر الميم، قال الخطابي: الدمث المكان السهل الذي يجذب فيه البول فلا يرتد على البائل، يقال للرجل إذا وصف باللين والسهولة "إنه لدمث الأخلاق، وفيه دماثة" ويقال: دمث المكان كفرح دمثا أي؛ لأن وسهل (في أصل جدار) أي قريب منه (فليرتد) بسكون الدال المخففة من الارتياد، أي فليطلب مكاناً مثل هذا فحذف المفعول لدلالة الحال عليه. وفيه دليل على أنه ينبغي لمن أراد قضاء الحاجة أن يعمد إلى مكان لين سهل لا صلابة فيه ليأمن من رجوع رشاش البول ونحوه عليه. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد، والبيهقي. والحديث في سنده رجل مجهول ولذا ضعفه النووي، وهو وإن كان ضعيفاً فأحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيد ذلك، وقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله، قال الهيثمي (ج١: ص٢٠٤) : هو من رواية يحيى بن عبيد بن دجى عن أبيه، ولم أر من ذكرها، وبقية رجاله موثقون.
٣٤٧- قوله (إذا أراد الحاجة) أي قضاء الحاجة يعني إذا أراد القعود للغائط أو البول (لم يرفع ثوبه) مبالغة في دوام التستر (حتى يدنو) أي يقرب (من الأرض) احتراز عن كشف العورة، وهذا من أدب قضاء الحاجة، ويستوي فيه الصحراء والبنيان؛ لأن في رفع الثوب كشف العورة، وهو لا يسوغ إلا عند الحاجة، ولا ضرورة في الرفع قبل القرب من الأرض قاله الطيبي، وقال العزيزي: لم يرفع ثوبه أي لم يتم رفعه حتى يدنو من الأرض، فيندب رفعه شيئاً محافظة على الستر ما لم يخف تنجس ثوبه وإلا رفعه بقدر حاجته-انتهى، ويمكن أن نستنبط منه قولهم: ما أبيح للضرورة يتقدر بقدر