٣٨٠- (٢) وعن شريح بن هانئ، قال:((سألت عائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك)) رواه مسلم.
ــ
إن كلا منهما سنة. قال القاري: قال بعض علمائنا من الصوفية في نصائحه العبادية: ومنها مداومة السواك لا سيما عند الصلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة، أو عند كل صلاة. رواه الشيخان. وروى أحمد: أنه عليه السلام قال: صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك، والباء للإلصاق أو المصاحبة، وحقيقتهما فيما اتصل حساً أو عرفاً، وكذا حقيقة كلمة "مع" و"عند". والنصوص محمولة على ظواهرها إذا أمكن، وقد أمكن ههنا فلا مساغ إذا على الحمل على المجاز، أو تقدير مضاف، كيف وقد ذكر السواك عند نفس الصلاة في بعض كتب الفروع المعتبرة. قال في التتارخانية نقلاً عن التتمة: ويستحب السواك عندنا عند كل صلاة، ووضوء، وكل شيء يغير الفم، وعند اليقظة-انتهى. وقال الفاضل المحقق ابن الهمام في شرح الهداية: ويستحب في خمسة مواضع: اصفرار السن، وتغير الرائحة، والقيام من النوم، والقيام إلى الصلاة وعند الوضوء –انتهى. والسر في كون السواك سنة عند القيام إلى الصلاة أنها حال تقرب إلى الله، فاقتضى أن يكون حال كمال ونظافة إظهاراً لشرف العبادة، وقد ورد من حديث علي عند البزار بسند رجاله ثقات، ما يدل على أنه لأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي، فلايزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه فيتأذى بالرائحة الكريهة، فسن السواك لأجل ذلك. وقيل: لأنه يقطع البلغم، ويزيد في الفصاحة، وتقطيع البلغم مناسب للقراءة لئلا يطرأ عليه فيمنعه القراءة وكذا الفصاحة. (متفق عليه) فيه أن الشيخين أخرجا فضل السواك فقط، نعم أخرج الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه الفضلين، قال ابن مندة: إسناد الحديث مجمع على صحته.
٣٨٠- قوله:(وعن شريح) بضم الشين المعجمة. (بن هانئ) بالهمزة، هو شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي المذحجي أبوالمقدام الكوفي، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره، وكان من أصحاب علي، وشهد معه المشاهد، وكان ثقة، وله أحاديث ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة، وذكر مسلم في المخضرمين، وكان على شرطة علي رضي الله عنه، قتل بسجستنان مع عبيد الله بن أبي بكرة. سنة (٧٨) . (بالسواك) أي يبدأ به وفيه بيان فضيلة السواك في جميع الأوقات، وشدة الإهتمام به وتكراره لعدم تقييده بوقت الصلاة والوضوء؛ لأن دخول البيت لا يختص بوقت دون وقت فكذا السواك، ولعله إذا انقطع عن الناس يستعد للوحي، وقيل: كان ذلك لاشتغاله بالصلاة النافلة في البيت، وقيل: لأنه ربما يتغير رائحة الفم بمحادثة الناس فمن حسن معاشرة الأهل إزالته. (رواه مسلم) وأخرجه أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه.